أبوالغيط ناعيا الإمام الصادق المهدي: قائدا سودانيا حكيما

نعى أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، بمزيد من الحُزن والأسى، الزعيم السوداني الكبير، رئيس حزب الأمة السوداني، إمام جماعة الأنصار الصادق المهدي، الذي وافته المنية صباح اليوم الخميس بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد صراع مع مرض كورونا.

وذكر الأمين العام في بيان، أن التاريخ سيذكر الصادق المهدي قائدًا سودانيًا كبيرًا وحكيمًا آمن بالحوار السياسي كوسيلة للنهوض ببلاده وأفنى عمره في الدفاع عن قضايا وطنه وعروبته.

وتقدم أبو الغيط بخالص العزاء إلى شعب وحكومة السودان، وكذلك إلى حزب الأمة، وأسرة الزعيم الراحل وأنصاره ومريديه.

وفي وقت سابق من اليوم، أعلن مجلس الوزراء الانتقالي في السودان، حالة الحداد العام لمدة ثلاثة ايام، ووجه بتنكيس الأعلام في جميع مرافق الدولة ومؤسساتها داخل البلاد، والسفارات السودانية في الخارج، حدادًا على ‏وفاة الإمام الصادق المهدي؛ حيث يعد أحد أهم رموز الدولة ومفكريها وحكمائها.

ويصل جثمان المهدي صباح غد الجمعة قادما من العاصمة الاماراتية أبوظبي، ليواري الثرى في قبة الإمام المهدي في أم درمان المدينة التوأم للعاصمة الخرطوم.

وكان المهدي أفنى عمره كله منافحا ومدافعا عن الديمقراطية والحرية في بلاده؛ وكان رقما متفردا في السياسة السودانية والحياة العامة لاكثر من 65 سنة متصلة اما صانعا للاحداث في البلاد او مساهما قويا في مسارها وتطوراتها، وكان اخرها هندسته للثورة السوادنية التي أطاحت بحكم غريمه الأول عمر البشير.

ولد (المهدي) في ديسمبر من العام 1935 في مدينة أم درمان، كبرى مدن العاصمة السودانية الخرطوم، حصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد عام 1957.

وكان من أكثر السياسيين إيمانًا بالديمقراطية وعبرها صعد لمنصب رئيس وزراء السودان مرتين إحداها نفذ فيها الرئيس السابق، عمر البشير، عام 1989، إنقلابا عسكريا عليه واستولى بموجبه على السلطة لمدة ثلاثون عام.

له عدة مؤلفات تذخر بها المكتبة السودانية أبرزها، كتابه "المؤسوم بالديمقراطية" و"عائدة وراحجه وديمقراطية"و"مستقبل الإسلام في السودام" و"الإسلام والنظام العالمي الجديد" و"السودان إلى أين".

تولى إمامة الأنصار وقيادة الجبهة القومية المتحدة إثر وفاة والده الصديق المهدي عام 1961، قبل أن ينتخب رئيسا لوزراء السودان بين عامي 1966 و1967 ثم عامي 1986 و1989.

ويحتفظ الصادق المهدي بمكانة واسعة بين السودانيين؛ إذ كان واحدا ممن عارضوا نظام الإخوان البائد برئاسة عمر البشير في عام 2014، ودفع ثمن ذلك بالزج به في السجون.

وتعرض للاعتقال لعدة مرات خلال الأعوام 1969 و1973 و1983 و1989، وبعد ثورة ديسمبر 2018 أصبح رئيسًا لـ "قوى نداء السودان" وهو تحالف يضم أحزابا مدنية، ومنظمات مجتمع مدني.

آخر ماكتبته يداه أثناء تلقيه العلاج في أحد مستشفيات أبوظبي، سجنت 8،5 عامًا، وحوالي 12 عامًا منفى، ومصادرة مرتين، وحكم بالإعدام مرة، واتهامات عقوبتها الإعدام ثلاث مرات في يونيو 1970م، وفي مايو 2014، وفي أبريل 2018م، وبدا لي أن الأذى في حد ذاته ليس مدمرًا إلا إذا استقبلته نفس مهيأة لعذاب الذات، الذين (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) هؤلاء يظنون بالله الظنون، وفي الغالب يستعينون بوسائل نفسية أو حسية هربًا من الحياة.

وأضاف، ههنا أقف عند المحطة الراهنة في حياتي حيث أصبت بداء كورونا منذ 27 أكتوبر 2020م، فاجعة مؤلمة وضعتني في ثياب أيوب (إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين).

وتابع، من ظن أنه لا يخطئ فقد أمن مكر الله. وأنا منذ دهر أردد في صلاتي: اللهم إنك تتودد إلي بنعمك وأتبغض إليك بالمعاصي، ولكن الثقة بك حملتني على الجراءة عليك فعد بفضلك وإحسانك علي إنك انت التواب الرحيم.

وأردف، إن ألم المرض خير فترة لمراجعة الحسابات الفردية والأخلاقية والاجتماعية، ومن تمر به الآلام دون مراجعات تفوته ثمرات العظات.

وأكمل، في كل مناحي الحياة فإن الألم خير واعظ لصاحبه. النقد الذاتي من أهم أدوات الإصلاح، والرضا عن الذات يقفل باب النفس اللوامة.

وزاد، نعم المرض مؤلم ولكن بالإضافة لتدابير العلاج، وهي مطلوبة، فالله قد خلق الداء والدواء، ومن امتنع عن الأخذ بالأسباب فقد جفا سنن الكون.