ثقوب مهنية في موقع روسيا اليوم
عبد العزيز السعدني موقع السلطةاستطلاع رأي، صُمم هذا المصطلح لعرض آراء مجموعة ما من خلال إجراء سلسلة من الأسئلة، ومن ثم استقراء العموميات في نسبة ما أو خلال نطاق ثقة، وكان المسؤول عن تنفيذ هذا المصطلح قبل التكنولوجيا التي نغرق فيها، مجموعة من الشركات كل وظيفتها قياس مدى رضا الشعوب عن حكامها وقراراتها، وبمثابة بلالين اختبار للشعوب، في أي قرارات حاسمة تنتهي بالفعل أو عدمه.
ولكن مع غرق الشعوب في التكنولوجيا، وتدهور حاضر الصحافة الورقية وغيوم مستقبلها، اتجهنا جميعًا إلى المواقع الإلكترونية التي أصبح القائمون عليها يحللون ما يروه صحيحًا من أجل الترافيك، نسبة مشاهدات أعلى، زيارات أكثر، على حساب مبادئ ومواثيق مهنية، من أجل الخوض في أشياء يقينية لا تقبل الشك أو التأويل أو حتى الاجتهاد.. خاصة في يوم مثل الجمعة، اليوم الأسود في معدلات الزيارة للمواقع الإلكترونية.
أمس الجمعة، أطل علينا القائمون على موقع روسيا اليوم بالعربي، بشيء أسموه أو رأوا أنه يندرج تحت مسمى استطلاع رأي، حول أرض مصرية لا تقبل الشك، لا تقبل المزايدة.. لا تقبل أي شيء في هذا التوقيت.. استطلاع رأي تضع به القارئ في ظُلمات ترافيك غير مشروع مبني على باطل.
إلى حد ما، أُقدر مسألة السعي وراء الترافيك، ولكن بهذه الأساليب المرفوضة، هل يستطيع أحد من القائمين على الموقع أن يفرق بين ما حدث وبين فتاة ليل تقف عارية أمام جامع وقت صلاة الجُمعة؟.. الموقف مخزي للصحافة وحالها الذي وصل إليه وحال القائمين عليه.. ولكن جميعًا حتى القائمين على موقع روسيا اليوم، أننا كل على حدة، نعي جيدًا ماهية أي وطن وعدم المساس بسيادته وسيادة أراضيه، ورعاية شعبه، و هي أشياء لا تُشترى!
ولا يمكن في هذا المقال أن أخوض في علاقات عربية ودولية بين دول تربطهما صداقة أو حدود أو تاريخ لا يمكن إغفاله أو نكرانه، فلست معنيًا بذلك، القيادة المصرية تعرف جيدًا كيف تتعامل مع ذلك ومُتيقن أن كل الأزمات في طريقها للحل، إن كان هناك أزمات من الأساس.. وأعلم جيدًا الأخوة التي تربطنا ببلد عربي شقيق حضر رئيسه مؤتمر الأسرة المصرية في مارس الماضي، في أجواء ود واحترام.. وأتوقع أن القيادة الروسية وبحجم علاقتها مع مصر لن تصمت على هذا الخطأ البشري.
أما أصدقاء المهنة القائمون على موقع روسيا اليوم، فأذكرهم بيوم 21 مارس 2018، شيء آخر غير عيد الأم، نشر موقعكم تقريرًا تفصيليًا بعنوان «عن ماذا تصمت قناة "العربية"؟»، بعد التقرير الذي نشرته القناة بعنوان «أكبر عملية اغتصاب جماعي في التاريخ» للمحلل السياسي الكساندر نازاروف، ينتقد ما قامت به قناة العربية، رغم أنه مجرد استرجاع للتاريخ، والتاريخ بطبعه يحمل الصح والخطأ.
السؤال هنا، هل حاولت المواقع الإلكترونية الصحفية لدينا، تدشين استطلاع رأي على سبيل المثال يبرئ أو يدين الجنود السوفييت؟.. بالطبع لا؛ لأننا نعلم جيدًا حجم دولتنا، ونعلم جيدًا حجم ما سعت إليه القيادة في استعادة مصر لمكانتها عربيًا ودوليا، وفي ظل صداقة تربطنا بالجميع على المستوى العربي أو الإفريقي، أو الدولي الذي في أولوياته الدولة الروسية وقيادتها.
لن ننساق كغيرنا وراء هذا الخطأ الفادح، ولن نرد الخطأ بخطأ، ولكن أثق في التعامل بجدية وحزم من القيادة في حق الرد من قبل الجهات المعنية.. وأرفع القُبعة إلى بيان الهيئة العامة للاستعلامات، التي كانت جاهزة في التو للرد واستدعاء مكتب الموقع في مصر.