محمد خان ملك التفاصيل.. اتهموه بالخيانة ورد عليهم بـ الجنسية

ملك التفاصيل وعاشقها.. القادر على إدخالك إلى عالم أفلامه بسلاسة وسهولة بالغة، لم يعمل معه فنان إلا وأحب ما يسعى لتقديمه وإظهاره على الشاشة، وصاحب الندم من لم يعمل معه بأي من أفلامه، فكشف تفاصيل الفتايات في فيلمه "فتاة المصنع"، تكلم عن نفسيات المجتمع في "قبل زحمة الصيف"، أبهر الجميع بـ"الحريف"، وهو الفيلم الذي ندم أحمد زكي على عدم القيام ببطولته.

محمد خان.. عاشق التفاصيل وصانعها على الشاشة، وهو مخرج الأفلام التي تركت بصمات في تاريخ السينما المصرية فهو صاحب "موعد على العشاء" و"زوجة رجل مهم" و"ضربة شمس" و"بنات وسط البد" و"شقة مصر الجديدة" وصاحب روائع أحمد زكي والذي كان منها "أيام السادات"، لم يقدم خان أفلام بالمئات ولكن ما قدمه كان له بصمته ورونقه في عيون المشاهدين ومحبتهم.

 

كان "خان" باكستاني الجنسية طبقًا لأصول والده ولكنه سعى طوال حياته للحصول على الجنسية المصرية والتي حصل عليها قبل وفاته بعام، معتبرًا أن ذلك تحقيق لحلم من أحلامه، قدم خلال مشواره فيلم من روائع الأفلام في السينما و هو "أحلام هند وكاميليا"، والذي اتهم بسببه بالإساءة لسمعة مصر.

 

حضور حسني مبارك أساس المشكلة

وكان ذلك بعد أن تقرر عرض الفيلم بالسفارة المصرية في فرنسا عام 1998، أثناء زيارة الرئيس الأسبق حسني مبارك لباريس؛ ليقوم الكاتب سماعيل النقيب نائب رئيس تحرير صحيفة (الأخبار) الحكومية في يومياته بالصحيفة، محتجاً على المستشار الثقافي للسفارة المصرية بباريس علي القاضي، الذي اختار عرض فيلم (أحلام هند وكاميليا) للمخرج محمد خان، ضمن احتفاليات السفارة المواكبة لزيارة الرئيس حسني مبارك إلى فرنسا، وطالب اسماعيل النقيب كلا من وزراء الخارجية والسياحة والثقافة والإعلام بأن يتدخلوا لوقف سفر وعرض الفيلم الذي وصفه النقيب بأنه "الفيلم الحقير جدًا"، متهمًا الفيلم بأنه لم تظهر فيه صورة جميلة واحدة للوطن الجميل، وأنه صُنع للنيل من سمعة مصر، بإظهار صور طفح المجاري والقاذورات والنوم في المواسير لعدم وجود إيواء، وختم النقيب مقاله قائلاً "احترامًا للوطن، امنعوا عرض هذا الفيلم المؤامرة".

الخلط بينه وبين خيري بشارة

وسرد "خان" على هامش هذا الاتهام أن فليمه لم يتناول أي طفح مجاري وأن هذا كان بفيلم المخرج خيري بشرة "يوم حلو ويوم مر"، وقال في أحد أحاديثه الصحفية حينها:"أولاً هذا الاتهام اتهام متأخر، والفيلم منذ ظهر في سنة 88 وهو يواجه اتهامات، لكنها كانت اتهامات بإظهار القبح وليست اتهامات بالإساءة إلى سمعة مصر، وكان هناك رأيان مختلفان في الفيلم، أنيس منصور يتهم الفيلم، وبعدها بيوم الراحل العظيم أحمد بهاء الدين يرد في العمود المقابل لعمود أنيس منصور.

وأضاف "خان" خلال هذا اللقاء:" أنا رأيي أنه لا يجب أن نشكك في نية أي فنان، ولا بد أن نواجه الأمور بنوع من الموضوعية، لأن هناك فرقًا بين الأفلام السياحية والأفلام التي تحاول أن تكون واقعية، ونحافظ على حق الفنان في التقديم وحق المتلقي في الرفض، لكن من العيب أن نتهم أحدًا بالإساءة إلى البلد كلها بفيلم، إذا كان الواقع مريرًا وعبّر عنه الفنان بأي شكل فهو لم يصنع هذا الواقع، بل قدّم الموجود في سياق درامي من أجل تحسينه، وأمريكا التي يعتبرها الجميع الدولة الأقوى في العالم عندهم في أفلامهم صراصير وفيران وخرابات وما بيداروش حاجة، وما فيش حد بيُتهّم بالإساءة لسمعة أمريكا، إحنا عندنا حساسية مفرطة للأسف، زي ما ييجي حد بيعمل في بلد عربي يشوف فيلم ويبقى مكسوف قدام أصحابه هناك، فيبعت جواب يطالب بمنع الفيلم ويجد من يوافقه، وبعدين خلونا نتكلم بالمنطق، الفيلم اتوافق عليه رقابيًا كسيناريو وكفيلم، ولو كان فيه إساءة لسمعة مصر لما تمت إجازته".

صفعات وقبلات في نفس اليوم

ولسخرية القدر في ذات اليوم الذي طلب فيه منع عرض الفيلم ببايس تم تكريم "خان" عنه في مهرجان قرطاج السينمائي، وهو ما وصفه بأنه (صفعات وقبلات في نفس اليوم)، قائلًا أنه بعكس ما يدعيه المقال أنا قمت بتجميل الواقع، فالمفروض حسب قصة الفيلم أن الشخصيات تعيش في منطقة المطرية، وقبل التصوير ذهبت لمعاينة مواقع التصوير في شوارع المطرية فوجدتها أقرب إلى المستنقعات، ولذلك اخترت التصوير في مناطق في وسط مصر الجديدة، يعني أماكن أنظف عشرات المرات من الواقع، حتى البيوت التي صورنا أن الأبطال سكنوا فيها، هي تابعة لمصلحة الكهرباء وأنا شايف إن فيها جمال في الصورة، للأسف هناك حساسية عند البعض تخص كل ما يتعرض للفقر، فيلمي يعكس الفقر وليس القبح، والمشهد الذي استفز البعض بشدة، هو مشهد الولد الصغير اللي بيخربش العربية المرسيدس، وأحدث ردود فعل عنيفة من فئات مختلفة.

مؤكدًا أنه يرى أن الاتهام بالإساءة إلى سمعة مصر لا يستحق الرد، لأنه لا يغير من انتمائه الحقيقي لهذا الوطن وحبه له، وبالحديث عن الجوائز هذا الفيلم حصل لمصر على برونزية مهرجان فالنسيا في أسبانيا، وجائزة أحسن ممثلة في طشقند لنجلاء فتحي، وجائرة المركز الكاثوليكي التي حصل الفيلم عليها كأحسن فيلم إنساني يعكس الإنسانية وهو ما ينفي اتهامه بالقبح".