طارق عامر .. مهندس إصلاح الاقتصاد ومُنقذ القطاع المصرفي
رامي خلف موقع السلطةفي 27 نوفمبر عام 2015 أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا بتعيين طارق عامر محافظًا للبنك المركزي، خلفًا للمحافظ السابق هشام رامز، ومنذ توليه المنصب، نجح عامر في تنفيذ دور ملحوظ في تحقيق الكثير من المؤشرات الإيجابية على الاقتصاد المصري وتنفيذ خطوات تاريخية نحو الإصلاح، واليوم تم التجديد له في المنصب لمدة 4 سنوات مقبلة تنتهى في نوفمبر 2023.
منصب محافظ البنك المركزي يحتل قمة هرم المناصب الاقتصادية الرسمية في مصر، بصفته أحد الأقطاب الرئيسية فى وضع وتنفيذ السياسات الاقتصادية للدولة، والمتحكم الأول فى حركة النقد وإدارته، وهذا ما عمل عليه طارق عامر منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب محافظ البنك المركزي وهو التمهيد لتنفيذ قرار تاريخي، فيما يشبه بخطة هندسية محكمة، لإصلاح الاختلالات الهيكلية، التى عانى منها الاقتصاد المصرى على مدار سنوات طويلة.
أزمات كثيرة واجهها عامر بكل بسالة وحكمة، من تراجع موارد الدولة من العملة الصعبة، واستنزاف الاحتياطي المحلي من العملات الأجنبية فى حماية غير مبررة للجنيه المصري، وانخفاض تنافسية الاقتصاد، فضلاً عن نشاط السوق الموازية للصرف، وسيطرتها على الحجم الأكبر من المعاملات النقدية، التى تتم على الدولار والعملات الأخرى.
في صباح يوم 3 نوفمبر 2016 استيقظت مصر على قرار تاريخي بتحرير سعر صرف الجنيه تحريراً كاملاً، من خلال السماح للبنوك بتحديد هذا السعر وفقاً للعرض والطلب، الأمر الذى مثل نقلة نوعية كبرى فى نمط وحركة الاقتصاد المصرى، بما أضفى مزايا تنافسية كبيرة للصادرات المصرية التى زادت بنسبة 18% فى أول 3 أشهر بعد قرار التعويم، فضلاً عن زيادة تحويلات العاملين بالخارج بنسبة 12%، واجتذاب نحو 46 مليار دولار إلى البنك المركزى والبنوك المحلية من خارج السوق وداخله، فضلاً عن تحسن أداء ميزان المدفوعات.
فرج عامر حقق دورا ملحوظا في تحقيق الكثير من المؤشرات الإيجابية، حيث تحول ميزان المدفوعات من تحقيق عجز بقيمة 3.7 مليار دولار خلال النصف الثانى من 2015، إلى تحقيق فائض بنحو 7 مليارات دولار خلال النصف الثانى من 2016، كما قفز "عامر" بالاحتياطى النقدي من العملات الأجنبية من 16.4 مليار دولار حينما تولى منصبه إلى 28.5 مليار دولار بنهاية مارس 2017 وبمعدل نمو 74% تقريباً، حيث لم يسبق أن وصل الاحتياطي لهذا المستوى منذ يونيو 2011.
وجاء قرار التجديد بعد نجاح عامر في ضبط سوق الصرف والقضاء على السوق السوداء للدولار، ومساهمته الرئيسية في نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وزيادة احتياطي النقد الأجنبي لأعلى مستوى في تاريخ البلاد.
مهندس الاقتصاد سبق أن تولى مراكز مهمة في الجهاز المصرفي، حيث عمل نائبا لمحافظ البنك المركزي خلال فترة الدكتور فاروق العقدة، وشارك في برنامج إصلاح القطاع المصرفي، كما شغل منصب رئيس البنك الأهلي لمدة 5 سنوات في الفترة من 2008 وحتى 2013.
وينتمى "عامر" في العموم لعائلة لها تاريخ فى العمل الوطني، عمه المشير عبدالحكيم عامر، وزير الحربية، ونائب رئيس الجمهورية في عهد جمال عبدالناصر، ووالده حسن عامر، خدم القطاع العام المصري طيلة حياته، ويعد مفجراً لثورة تطهير البنك الأهلي من الفساد، وتم اختياره فى المناصب المصرفية الحالية والسابقة بناءً على تاريخه المصرفي وعمله السابق فى بنوك دولية وأجنبية، لفترة تجاوزت 25 عاما عمل خلالها فى كبريات المؤسسات المالية العالمية.