أطماع أردوغان.. تعرف على أذرع تركيا الإستعمارية في ثلاث قارات
كتب وكالاتتنساب أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كخنجر مسموم يمزق أوصال العالم ويسلبه استقراره، بحثا عن أمجاد بائدة على ركام أمن الشعوب. فإلى العاصمتين القطرية الدوحة والليبية طرابلس، مرورا بسوريا والعراق، وأفريقيا، وأوروبا، وقبرص، وصولا إلى اليمن، تحركت بوصلة الأطماع التركية تجتاح الجغرافيا إما عبر غزو عسكري مباشر، أو باستخدام الاختراق الناعم، محاولة إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء لإحياء أمجاد الإمبراطورية البائدة.
ويشير تقرير لموقع العين الإخبارية أن كل شبر يئن وجعا بسبب تركيا.. هكذا يتفق محللون كثر على الدور المزعزع للاستقرار الذي تلعبه أنقرة في العالم العربي، حيث تعزف على وتر الخلافات والأزمات والصراعات، باحثة عن ثغرات عادة ما تخلقها الفوضى، لتشهر أنيابها وتنقض على المكان المستهدف فتحوله إلى بؤرة توتر. فبعد أن جعل تنظيم الحمدين من قطر ولاية خاضعة للإدارة التركية، استغلت أنقرة خنوع الدوحة لتجعلها قاعدة خلفية لأجندتها، وتضرب منها استقرار الشرق الأوسط والعالم العربي بأكمله. ولاحقا، تحركت الماكينة التركية لتستغل الأزمة السورية فبدأت بتنفيذ مخطط تصفية الأكراد بتعلة حماية أمنها من قيام دولة كردية على حدودها، فكثفت من عملياتها العسكرية شمالي سوريا، راسمة في كل مرة هدفا يرمي إلى سرقة ثروات البلاد، أو تغيير التوزيع الديمغرافي للمنطقة، أو خلق مناطق خاضعة للفصائل والتنظيمات الإرهابية المدعومة منها والتي تسير في فلكها. ومن سوريا، تحركت بوصلة الأطماع التركية نحو العراق المجاور، هناك حيث اتخذت ذات الذريعة، وهي ملاحقة المسلحين الأكراد، لتنتهك سيادة بغداد بشكل متواتر لطالما أثار استنكار البلد الأخير. وفي 10 أغسطس الجاري، أعلنت الخارجية العراقية إلغاء بغداد زيارة وزير الدفاع التركي التي كانت مقررة حينها، واستدعاء سفير أنقرة لتسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة.
وجاء الموقف احتجاجا على قصف تركيا بطائرة مسيرة منطقة "سيد كان" شمالي العراق، ما أدى إلى مقتل وإصابة 6 من عناصر حرس الحدود العراقية. وحذرت الوزارة أنقرة من أن "تكرار مثل هذه الأفعال، وعدم الاستجابة لمطالبات العراق بوقف الخروقات وسحب القوات التركية المتوغلة داخل حدودنا الدولية، مدعاة لإعادة النظر في حجم التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة". ولفت التقرير إلى أنه حين أدرك أردوغان أن الثروات الليبية قادرة على تعويض خسارته الفادحة في سوريا، وفشله في تحقيق تقدم ملموس ـ رغم التصريحات الكاذبة بعكس ذلك ـ شرق البحر المتوسط في ما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز، توجه نحو ليبيا، ممنيا النفس بوضع يده على ما يزخر به البلد الواقع بالبوابة الجنوبية لأوروبا. ولم تكن ليبيا بالنسبة لأردوغان هدفا فقط، وإنما بلد عبور لتنفيذ خططه الاستعمارية في شمال أفريقيا، وخصوصا في الجزائر، الدولة التي لطالما ظلت عصية على أطماعه لأسباب مختلفة، منها الحذر الذي اكتسبه الجزائريون من الإسلاميين عقب العشرية السوداء. ولتفعيل مخططه العابر للحدود، كان لا بد أن يعول على دعم الإرهابيين والمرتزقة ممن اكتسبوا خبرة القتل والسحل في سوريا ليصدرهم إلى جبهات القتال بالعاصمة الليبية طرابلس، مقابل عقود وهمية ووعود لم تتحقق لاحقا. كان هدف أردوغان الاستفادة من هؤلاء المرتزقة في تأجيج الأزمة الليبية، ورفع منسوب الفوضى إلى درجة تمكنه من سرقة نفط ليبيا وثرواتها في وقت يكون فيه العالم منشغلا بأحداث القتل والمجازر والبحث عن حلول لوقف إطلاق النار. وبانتهاء مهمة المرتزقة، أو مع ظهور بوادر تمرد بصفوفهم، فتح أردوغان ـ بالتنسيق مع مليشيات طرابلس ـ أبواب الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، فمن يصل منهم إلى القارة العجوز فسيحقق هدف أنقرة بزعزعة استقرارها، ومن التهمه البحر، فقد وفر عليها شاهدا على إرهابها. وحين نضب منبع المقاتلين السوريين، توجه أردوغان إلى الصومال ليستورد منهم مواطنين خدعهم للانضمام إلى جيش المرتزقة في ليبيا. ففي يوليو/ تموز الماضي، ذكر تقرير نشره موقع "صومالي جارديان" أن أكثر من 2000 صومالي ضمن قوات جديدة تقاتل بالوكالة عن تركيا وقطر، وقد جرى نشرهم في الخطوط الأمامية لليبيا للانضمام إلى القتال ضد الجيش الوطني الليبي. ونقل الموقع عن بعض المجندين قولهم إن العديد من زملائهم في البلاد قد تم نشرهم بالفعل بمناطق المواجهة في ليبيا. بعد القناع الاقتصادي والإنساني، كشرت أنقرة عن وجهها الحقيقي، حيث استغلت الفوضى السائدة في الصومال جراء الحرب الأهلية، وافتتحت، في 2017، قاعدة عسكرية بالبلد الأفريقي. كما صنعت شبكة من العملاء والجواسيس مكنتها من تأسيس علاقات قوية مع صناع القرار في مقديشو، وتحويل البلاد إلى قاعدة خلفية لأطماعها. ومن الصومال، تمددت أطماع أردوغان عبر سواحل أفريقيا لتصل إلى السودان، ليوقع مع نظام الرئيس المخلوع عمر البشير عقد إيجار لميناء سواكن، الجزيرة السودانية في البحر الأحمر، ضمن مخطط يسعى الرئيس التركي من خلاله إلى تطويق خصوم أنقرة بالمنطقة. تحركات مريبة ترنو إلى إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية بالقارة السمراء والمنطقة العربية المتصلة بها، فضحتها أيضا تحركات الإخوان، وكلاء أردوغان، في كل من تونس واليمن، لمنح أنقرة موطئ قدم بالبلدين. علاوة على المرتزقة الذين تتخذهم حطبا لحروبها، تعول أنقرة على منظمات عديدة تعمل في شكل شبكة موازية للمخابرات، لكن في مجالات مختلفة لا تقتصر على الأمن فحسب، بينها شركة "صادات للاستشارات الدفاعية الدولية" التركية. شركة أسسها العميد العسكري المتقاعد عدنان تانري فيردي في 2012، تعمل تحت ستار تقديم الخدمات الاستشارية والتدريبات العسكرية الدولية، لكنها في الحقيقة بمثابة ذراع عسكرية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، وأداة عسكرية في يد أردوغان لدعم التنظيمات المتطرفة في أفريقيا بشكل خاص. وشاركت "صادات" في إحباط محاولة الانقلاب المزعومة في تركيا عام 2016، كما أنها تدرب منظمات عسكرية للحفاظ على النظام. أما في سوريا، فتمتد مهامها إلى تدريب المقاتلين الأجانب على حرب العصابات والشوارع، قبل أن ترسلهم للقتال في المناطق التي تخوض فيها حروبا، وبلغ مدى نشاطها أوروبا، حيث ظهرت علاقة بينها ومنفذي العديد من الهجمات الانتحارية بالقارة العجوز. وعلاوة على صادات، تعتبر وكالة التعاون والتنسيق التركية، المعروفة اختصارا باسم «تيكا» ذراعا استخباراتية لأنقرة بقناع إنساني، وأداة للانغماس العقائدي في المجتمعات بحجة الأعمال الخيرية بدافع إحياء النزعة الإمبراطورية العثمانية. منظمة يعول عليها أردوغان في اختراقه الناعم للعالم وخصوصا أفريقيا، من خلال مشاريع في ظاهرها خيرية وفي باطنها عمل استخباراتي دقيق وقوة ناعمة لمد النفوذ. وتأسست المنظمة بهدف تنسيق علاقات تركيا مع ما يعرف بالجمهوريات المستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في وسط آسيا، لكنها توسعت لاحقا لتصبح جسرا يؤمن لأنقرة المزيد من التغلغل في المجتمعات بحجة الأعمال الخيرية