المفتي: الإسلام اعترف بتعدد الأديان ومصر لديها تجربة فريدة للعيش المشترك
كتب محمد علياستقبل الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية ، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وفدًا أمريكيًّا رفيع المستوى برئاسة جون بارسا، رئيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والسفير الأمريكي في القاهرة جوناثان كوهين، وسماح نور كويست، كبير مستشاري الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لشؤون الحرية الدينية الدولية، لبحث أوجه تعزيز التعاون الديني بين دار الإفتاء والولايات المتحدة الأمريكية خاصة في مجال مواجهة الفكر المتطرف.
وقد استعرض المفتي في بداية اللقاء المراحل التاريخية التي مرت بها دار الإفتاء منذ نشأتها، والدَّور الذي تقوم به، ومجهوداتها في بيان صحيح الدين ومواجهة فوضى الفتاوى والفكر المتطرف، مضيفا أن دار الإفتاء انشأت عام 2014 مرصدًا لفتاوى التكفير والآراء المتطرفة، يعمل على مدار الساعة لرصد كافة الفتاوى والآراء التي تصدر عن الجماعات المتطرفة، ويعمل على تفكيكها وتفنيدها والرد عليها بمنهجية علمية دقيقة وبمخرجات مختلفة متنوعة.
وحول حرية الاعتقاد وموقف الإسلام منه قال فضيلة المفتي: "إن الإسلام منذ أول لحظة يعترف بالتعددية الدينية، وأنه لا يمكن إكراه أحد على اعتناق عقيدة معينة، لأن العقيدة أمر قلبي، فجاء قول الله تعالى: {لا إكراه في الدين} ليكون حاسمًا لهذا الأمر"، مضيفا أن مصر لديها تجربة فريدة في العيش المشترك والاندماج الكامل بين المصريين جميعًا على اختلاف عقائدهم، فالكل سواء أمام الدستور والقانون، وهو ما نص عليه دستور 1923، وأكدنا عليه في الدستور عام 2014، قائلًا: "كنت أحد أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وكنا حريصين على ضمان المساواة الكاملة بين كل المصريين".
وتابع: "حققت مصر بقيادة الرئيس السيسي تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، حيث صدر مؤخرًا تشريع قانوني لأول مرة منذ 200 عام تقريبًا لحماية دور العبادة وتقنين أوضاعها"، وأبدى استعداد دار الإفتاء الكامل للتعاون في مواجهة الفكر المتطرف وتقديم ما لديها من خبرات علمية وعملية في هذا المجال.
وأشار" علام" إلى أن الدار كذلك تُعنى بأحوال المسلمين في الخارج، خاصة في الغرب، وأن علماء الدار قاموا بجولات مكوكية في مختلف دول العالم والتقوا بالجاليات المسلمة هناك، وقال: "كنا حريصين على حث الجالية المسلمة في الدول الغربية على الاندماج الإيجابي والفعال في مجتمعاتهم، والالتزام بالقوانين التي وضعت لتنظيم الحياة فيها".
وأكد مفتي الجمهورية أن المدخل الحقيقي لأي تقدم في الدول هو التنمية وبناء الإنسان، وهو السبيل الأمثل لمواجهة الفكر المتطرف الذي ينبت في البيئات التي تفتقد للتنمية، لافتًا إلى أن مصر خطت خطوات كبيرة خلال السنوات الأخيرة منذ تولي السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، المسؤولية في تنمية الإنسان والمجتمع، فضلًا عن النجاح الكبير الذي حققه الجيش المصري في حربه على الإرهاب في سيناء.
وتابع "قمنا في عام 2016 بفتح ملف المنتمين لداعش من المجتمعات الغربية، ووجدنا بالبحث والدراسة أن 50% من المنتمين للتنظيمات الإرهابية من الغرب، واستنتجنا أن هناك خللًا في الخطاب الديني لدى القادة الدينيين هناك".
وأضاف أن دار الإفتاء من خلال الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم عقدت مؤتمرًا دوليًّا حول: "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد في الخارج"، وكان نتاج هذا المؤتمر تدريب عدد كبير من أئمة المساجد في الغرب، خاصة بريطانيا، وكذلك أئمة أفريقيا، خاصة من البلدان التي ظهرت فيها الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام ومثيلاتها، مشيرا إلى أن الدار أصدرت كذلك عددًا من الكتب والمطبوعات التي تواجه الفكر المتطرف بلغات مختلفة، بالإضافة إلى مجلة "insight" التي تردُّ فيها الدار على مجلة "دابق" و"ورمية" اللتين يصدرهما تنظيم داعش المتطرف، ولفت إلى أننا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهود والتعاون الكبير بين جميع دول العالم في مواجهة التطرف والإرهاب؛ لأن التطرف لم يعد مقتصرًا على دول بعينها، ولكنه أصبح يهدد الجميع.
من جانبه عبر الوفد عن سعادته بزيارة دار الإفتاء ولقائه بفضيلة المفتي، وقال: نحن في هيئة "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" نعمل على مساعدة الشعوب في الوصول إلى التنمية المطلوبة والاعتماد على ذاتها، مشيرا إلى أن الوكالة لديها العديد من البرامج لمكافحة التطرف والإرهاب، وأنها تتعاون مع القيادات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى حل لهذه الأزمة التي باتت تهدد الجميع.
وأضاف الوفد الأمريكي أنه خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، وتداعياتها الاقتصادية الكبيرة تبنت الهيئة العديد من البرامج لتوفير فرص عمل خاصة للشباب المتأثرين بالبطالة، وبالتالي يكونون بيئة خصبة لقبول الأفكار المتطرفة ونشرها، موضحا: "إن الأصوات الإسلامية المعتدلة -مثل فضيلة المفتي ودار الإفتاء المصرية- هي التي يمكن أن تواجه التطرف، وهو أمر مهم ليس فقط للشعب الأمريكي فحسب، بل لكل شعوب العالم".
وأشار أعضاء الوفد أن هناك توافقًا كبيرًا في الأفكار التي طرحها فضيلة المفتي خلال اللقاء، مؤكدًا أن هذه الزيارة هي رسالة قوية للتكامل والتعاون من أجل الإنسانية، وأبدى تطلعه إلى مزيد من التعاون المثمر مع دار الإفتاء المصرية في مجال مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح صورة الإسلام، وتقديم النموذج الصحيح والأمثل للإسلام والمسلمين.