ما هي الأسباب الحقيقية لإقالة المشير عبد الحليم أبو غزالة؟

ولد المشير عبد الحليم أبو غزالة في يوم 15 يناير عام 1930 في قرية زهور الأمراء بمركز الدلنجات. والده كان يعمل موظفاً في مصلحة البريد المصرية وامه كان اسمها مبروكة. وعقب دراسته الثانوية في مدرسة دمنهور الثانوية حصل على شهادة الثانوية عام 1946، وكان ترتيبه الثالث عشر على الجمهورية المصرية. التحق المشير محمد عبدالحليم ابو غزالة بالكلية الحربية وتخرج منها في يوم 1 فبراير عام 1949 وكان ترتيبه الأول على دفعته، وهي الدفعة التي ضمت الرئيس السابق محمد حسني مبارك.

بدأ الضابط الشاب حياته من 13 شارع المهدي بحلمية الزيتون، الذي سكن فيه المشير " أبو غزالة " منذ أن كان ضابطاً في بداية حياته. وشارع المهدي هو شارع صغير جدا خلف مسجد الشيخ بخيت بميدان حلمية الزيتون وقد بنى فيه الضابط الشاب " ثروت " او المشير ابوغزالة منزلاً من ثلاثة طوابق سكن في الأخير منها ولم يكن يأنف او يتأفف من تلك الحارة الضيقة والتي لا يزيد عرضها عن 4 أمتار حتى بعد أن وصل محمد عبدالحليم ابوغزالة إلى رتبة اللواء.

ومازال أهل حي حلمية الزيتون يتحدثون فخراً عن " سيادة اللواء " طوال عشرتهم معه إلا أن المشير لم يجد في نفسه ما يستحق الفخر. ففي التواضع يكمن مفتاح شخصية هذا الرجل المقاتل البسيط الذي يلعب كرة القدم مع جنود معسكره.

ورغم الإقالة الغريبة والمفاجئة للمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة من منصبه كوزيرا لدفاع مصر إلا أن الأسباب الكاملة والحقيقية لهذا القرار لم يفصح عنها ابدا.

التفسيرات العديدة التي صاحبت القرار تعددت، وقد كان أبرزها هو رغبة الرئيس المصري محمد حسني مبارك في التخلص من المشير أبو غزالة لتزايد شعبيته داخل الجيش، وتخوف محمد حسني مبارك من أن يقوم المشير أبو غزالة بانقلاب عسكري ضده، وكل هذه التفسيرات تم نفيها ودحضها تماما من مسؤولين مصريين عديدين.

اللواء الطيار أبو بكر حامد، وهو قائد الطائرة الرئاسية للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ويكشف سرا جديدا من الأسرار الدفينة التي صاحبت تلك الإقالة باعتباره شاهدا على بعض أحداثها وقائدا لطائرات رئاسية حملت محمد حسني مبارك وأبو غزالة في مهام ورحلات خارجية عديدة.

ويقول إن ما تردد عن رغبة محمد حسني مبارك في الإطاحة بالمشير أبو غزالة لتزايد شعبيته داخل الجيش وخشيته في قيام المشير بانقلاب عسكري ضده غير صحيح نهائيا جملة وتفصيلا، فالعلاقة بين الاثنين قديمة وعميقة وقوية، ولم يتخللها أي شوائب تعكر صفوها، وسمع بنفسه من الاثنين ما يؤكد قوة ومتانة علاقاتهما، وأن ما قيل عن إطاحة مبارك بصديقه من وزارة الدفاع بسبب شعبيته يصعب تصديقه.

ويضيف أن أحد أهم الأسباب في خروج المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة من منصبه كوزير للدفاع، كان بسبب الغضب غربي منه بسبب قيامه بتطوير أسلحة مهمة في الجيش العراقي، ومساعدته في تطوير وتحسين قدرة القوات العراقية، وقد حذر قادة غربيون عديدون محمد حسني مبارك من مغبة ما يقوم به المشير أبو غزالة، وعلى الفور اجتمع مبارك بأبو غزالة وشرح له ما يدور حوله، وخشي على أبو غزالة، ونصحه بالابتعاد حرصا عليه وعلى حياته، وهو ما استجاب له المشير وقبل بخروجه من وزارة الدفاع وتعيينه مساعدا لرئيس الجمهورية، وكان الخروج بموافقة أبو غزالة ومباركته وليس مفاجئا له كما قيل.

وعما تردد من أن محمد حسني مبارك خشي من انقلاب المشير أبو غزالة عليه وسعيه للوصول للسلطة بسبب تزايد شعبيته داخل الجيش، قال قائد طائرة مبارك اللواء ابوبكر حامد إنه رافق المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة في رحلة خارجية لسويسرا وسأله عن حقيقة هذا الأمر، فقال له المشير إنه ضابط مقاتل وسيظل ضابطا مقاتلا، ويريد أن يحيا ويموت وهو ضابط، مؤكدا له أن محمد حسني مبارك هو من عينه وزيرا للدفاع، وأنه يعتبر صديق عمره وقرينه ولا يمكن أن يفكر في امر مثل ذلك، إضافة إلى أنه لو كان يفكر في هذا الامر ويطمع في الحكم لكان قد استغل أحداث الأمن المركزي عام 1986 وقفز إلى السلطة حيث نزلت قوات الجيش إلى شوارع القاهرة وسيطرت على مقاليد الأمور وأحبطت ثورة جنود الأمن المركزي فضلا عن ذلك، وكما يقول قائد طائرة مبارك الرئاسية فإن أبو غزاله أكد له أن سياسة الانقلابات ليست واردة في طبيعة أو عقيدة الجيش المصري.

وكشف ايضا اللواء أبو بكر حامد أن محمد حسني مبارك وعبدالحليم أبو غزالة ظلما كثيرا، وخرجت تصريحات وتحليلات كثيرة تؤكد أن العلاقة بينهما كانت متوترة على غير الحقيقة، بل ذهب البعض لاتهامهما بالتورط في علاقات نسائية مشبوهة، وهو غير صحيح على الإطلاق، ففي إحدى المرات سأل اللواء ابوبكر المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة عما تردد بأنه تزوج سرا من فنانة معروفة، وأنه يقيم معها في فيلا خاصة، فرد عليه المشير ابو غزالة ضاحكا وقال من تزوج عن صدق وحب وإخلاص لا يمكن أن يتزوج مرة ثانية، وأنه من أنصار نظرية زوجة واحدة تكفي.

وقال اللواء ابوبكر حامد إن علاقته الخاصة بمحمد حسني مبارك رئيس الجمهورية السابق أتاحت له فرصة التعرف عن قرب على شخصية الرئيس مبارك الانسان، مؤكدا أن جميع الاتهامات التي وجهت لمبارك بعد الثورة ظالمة، وأغلبها خرجت من شخصيات عملت معه وتعرضت لعقوبات وجزاءات منه، فكان رد فعلها بعد الثورة وتنحيه عن الحكم هو التشهير به والانتقام منه بالشائعات، مثل شائعة أن ثروته في الخارج تبلغ سبعون مليار دولار.

وأضاف أن محمد حسني مبارك كان منضبطا في عمله الى اقصى درجة، وملتزما إلى أبعد الحدود، وعاقبه ذات مرة بعقوبة كبيرة لأنه رد بطريقة غير لائقة أمامه على قائده الخاص في الكلية الجوية، مشيرا إلى أنه خلال رحلاته مع محمد حسني مبارك كان يكتشف جوانب إنسانية كثيرة في شخصيته، وهي جوانب لا يمكن معها تصديق ما تردد عنه بعد الثورة.

ويقول اللواء حامد إن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان وفيا لأصدقائه وقادته ومعارفه، وعلى رأسهم الرئيس الراحل أنور السادات، والمشير محمد عبد الغني الجمسي، وكان الرئيس محمد حسني مبارك لا يسمح بإهانة أي قائد من قادة حرب أكتوبر، ولو نما الى علمه بأي مشكلة تخص أحدهم كان يتدخل بشكل فوري ويقوم بحلها.

وأضاف اللواء حامد ابوبكر قائد طائرة الرئيس السابق محمد حسنى مبارك أن نفس هذه الصفات كانت أيضا في المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة الذي طلب منه ذات مرة التدخل لعلاج ابن ضابط طيار فقئت عينه بسبب حادث مروري، وخلال بضع ساعات فوجئ اللواء حامد ابوبكر بقرار صادر من المشير نفسه بتسفير الطفل للعلاج في الخارج، وتركيب عين صناعية له، وأصبح هذا الابن فيما بعد مديرا كبيرا لأحد الفنادق الكبرى في الغردقة الآن.