ذات قيمة.. تقنية كهربائية تحول دخان مداخن المصانع لمواد صناعية
وكالاتابتكر فريق من المهندسين الباحثين من جامعة تورونتو طريقةً جديدةً لتحويل ثانى أكسيد الكربون الملتقَط من المداخن إلى منتجات ذات قيمة تجارية، كالوقود والبلاستيك، وقال البروفيسور تيد سارجنت، أستاذ هندسة الكهرباء والحاسوب ونائب رئيس قسم البحث والابتكار في جامعة تورونتو "إن التقاط الكربون من الدخان الصادر عن المداخن أمر ممكن تقنيًا، لكنه مكلف". وأضاف سارجنت "لا تغطي القيمة السوقية للمركب الكيميائى الناتج تكلفة إنتاجه، إلا أن طريقتنا فى التقاط الكربون وترقيته تقلل كثيرًا من تكاليف الطاقة اللازمة لإنجاز العملية، ما يجعلها جذابةً أكثر اقتصاديًا". وتتضمن إحدى التقنيات المتبعة فى التقاط الكربون من المداخن، والوحيدة المستخدمة على نطاق تجارى، محلولًا سائلًا يحتوى على مواد تسمى الأمينات، يُعرّض المحلول لغاز المداخن فتتحد جزيئات ثاني أكسيد الكربون الموجودة بداخله مع جزيئات الأمين وتشكل زُمرًا كيميائية تُعرف بنواتج الضم. يلى ذلك عادةً تسخين نواتج الضم إلى درجات حرارة أعلى من 150 مئوية لإطلاق غاز ثانى أكسيد الكربون وإعادة توليد الأمينات، ثم يُضغط غاز ثانى أكسيد الكربون المنطلق ليسهل تخزينه. وتكلف هاتين الخطوتين، التسخين والضغط ما يصل إلى 90% من تكاليف الطاقة اللازمة لعملية التقاط الكربون. لكن جيونهوي لي، المرشحة للدكتوراه من مختبر سارجنت، اتخذت مسارًا مختلفًا، فبدلاً من تسخين محلول أمينى لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون، استخدمت الكيمياء الكهربائية لتحويل الكربون المحتجز بداخله مباشرةً إلى منتجات أكثر قيمة. وقالت لي "اكتشفت خلال بحثي أنه عند حقن الإلكترونات في محلول نواتج الضم، يتحول الكربون الملتقَط إلى أول أكسيد الكربون، ولهذا المركب استخدامات عدة، فضلًا عن أن هذه الطريقة توفر أيضًا تكلفة التسخين والضغط". ولغاز ثاني أكسيد الكربون المضغوط المستخلص من المداخن بالطرق التقليدية استخدامات محدودة، فعادةً يُحقن تحت الأرض للتخزين أو لتعزيز كفاءة استخراج النفط. وفي المقابل يُعدّ غاز أول أكسيد الكربون أحد أهم المواد الأولية الداخلة في عملية فيشر- تروبش، وهي تقنية صناعية مستخدمة على نطاق واسع في صناعة الوقود والسلع الكيميائية، والعديد من طلائع المواد البلاستيكية الداخلة في الصناعة بكثرة. وطورت لي جهازًا يعرف بالمحلل الكهربائي لإجراء التفاعل الكهروكيميائي، ومع أنها ليست أول من صمم هذا الجهاز لاستخلاص الكربون المُلتقط من محلول الأمين، فإن التجهيزات السابقة على حد قولها لا تخلو من العيوب من ناحية النواتج النهائية وكفاءة العمل. وقالت لى "أنتجت أنظمة التحليل الكهربائى السابقة ثانى أكسيد الكربون النقى والكربونات، وغير ذلك من المركبات الكربونية التي لا تتمتع بالفوائد الصناعية ذاتها التي يقدّمها أول أكسيد الكربون. إضافةً إلى أن معدل إنتاجية تلك التجهيزات منخفض، بسبب انخفاض معدل التفاعل الكيميائي الحاصل". ولكي يحصل التفاعل بصورة مثالية يتعين على نواتج الضم الحاوية على الكربون أن تنتشر على سطح القطب الكهربائي المعدني لجهاز التحليل الكهربائي، غير أن التجارب التي أجرتها لي في دراساتها الأولية، أظهرت أن الخصائص الكيميائية للمحلول كانت تعوق ذلك الانتشار، والذي بدوره يعيق التفاعل المستهدف. وتغلبت لى على تلك المشكلة بإضافة مادة كلوريد البوتاسيوم إلى المحلول، والتي لا تشترك في التفاعل، لكن وجودها يسرّع كثيرًا من معدل الانتشار. فكانت النتيجة أن كثافة التيار الكهربائي المستخدم في النظام الذي صممته لي (أو معدل ضخ الإلكترونات في جهاز التحليل الكهربائي) أعلى بعشر مرات مقارنةً بالأنظمة السابقة، ونُشر البحث الذي يتناول هذا النظام الجديد في مجلة نيتشر إنيرجي. وأظهر نظام لي أيضًا معدلًا عاليًا من "كفاءة فاراداي" وهو مصطلح يشير إلى نسبة الإلكترونات المحقونة في المركب المستهدف، إذ بلغت كثافة التيار الكهربائي المستخدم 50 مللي أمبير لكل سنتيمتر مربع، ما يقابل 72% على مقياس كفاءة فاراداي. وعلى الرغم من أن كثافة التيار وكفاءة الإنتاج، سجلا أرقامًا قياسيةً جديدةً في هذا المجال، فإن التقنية ما زالت بحاجة إلى التطوير أكثر قبل تطبيقها على نطاق تجاري.