داعية: الدعاء هو من أكرم العبادات على الله
كتب أحمد عبداللهأكد الدكتور أسامة فخري الجندي، مدير عام المساجد والداعية بوزارة الأوقاف، أن الدعاء هو من أكرم العبادات على الله عز وجل، وهو سر الاتصال بين العبد وربه، والدعاء من العبد لربه من جملة الطاعات، بل هو من أعظم القربات؛ لأنه سبحانه وتعالى يقول: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر:60] ويكون على الدعاء من الله الإثابة والعطاء، قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة:186]، أي: لكي يهتدوا إلى مصالح دينهم ودنياهم.
وقال في مقالته اليوم بعنوان (لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ مَا تُرَدُّ): لتأكيد فضل الدعاء بإطلاق، فقد بيّن (صلى الله عليه وسلم ) أنه لن يهلك أحد مع الدعاء، فعن أنسٍ ( رضي اللَّه عنه ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ( لاَ تَعْجِزُوا عَنِ الدُّعَاءِ ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ ) [ أخرجه الحاكم في المُسْتَدْرَكِ على الصحيحين ].
وأضاف: لأن الدعاء لون من الطلب فإنك حين تتوجه إلى الله طالبا أن يعطيك.. فإنك تدعو بذلة الداعي أمام عزة المدعو، والعلماء يقولون: إن الدعاء إن قصدت به الذلة والعبودية يكون جميلًا، أما الإجابة فهي إرادة الله، والمعنى أن حظك من الدعاء هو العبادة والذلة لله؛ لأنك لا تدعو إلا إذا اعتقدت أن أسبابك كبشر لا تقدر على هذه، ولذلك سألت من يقدر عليها، وسألت من يملك.
وبين أن الدعاء له شروط، ومن أهمها: الطيب من الرزق، فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ”.... ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ” [أخرجه مسلم]. فالرسول (صلى الله عليه وسلم) هنا يكشف أمامنا أن من أسباب عدم الإجابة أن جهاز الدعوة الذي يرسل الدعاء جهاز فاسد.
ولفت أنه في نهار رمضان ومع هذا الحال المنير من صيام الجوارح عن كل ما نهى أو حرّم الله (عز وجل) يبلغ الصائم حالًا من الصفائية في الصيام تجعله أهلًا للدعاء، ومن هنا فقد منح الله تبارك وتعالى الصائمين مِنَحًا وفضائل كثيرة، ومنها منحة الدعاء الذي لا يُرد، فعن عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رضي الله عنهما) قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم):(إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ ). [أخرجه ابن ماجه].
وأكمل: من ثمّ فينبغي أن يكون من مِنهاج المسلم في رمضان أن يُقبِلَ على الله عز وجل بالدعاء، ومَنْ تأمّل الآيات القرآنية المشرفة بعمقٍ، سيجد أن الله عز وجل بعد أن تكلم عن فرض الصيام في شهر رمضان في قوله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 184]، ومعلوم أن الصيام يكون في نهار رمضان، تكلّم بعد ذلك عن ليل رمضان بقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ.... الآية} [البقرة:187]، وقد جاء بين فرض الصيام في نهار رمضان، والكلام عن ليل رمضان قوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186]، وهذه الآية جاءت بعد آية {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ} كي تبين لنا أن الصفائية في الصيام تجعل الصائم أهلًا للدعاء؛ مما يفيد في لقطة دقيقة وإشارة لطيفة أن موقع هذا الدعاء بين النهار والليل، أي: عند الإفطار، وهو ما بيّنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فعن عَبْدِ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (رضي الله عنهما) قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم):(إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ ). [أخرجه ابن ماجه]، فلا يُضَيّع المسلمُ الدعاءَ في رمضان وخاصة في وقت الإفطار لتأكيد القرآن والسنة لذلك.