مفتي الجمهورية: رمضان شهر الانتصارات التاريخية
كتب أحمد عبداللهقال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: «إن ما تبثه العبادة في شهر رمضان من علوٍّ للهمة، وانتصارٍ للنفس على شهواتها جديرٌ بأن يجعل شهر رمضان شهرًا للانتصارات، على كافة المستويات بحقٍّ».
وأضاف مفتي الجمهورية، خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج «كُتب عليكم الصيام»، أن شهر رمضان لم يكن مانعًا من القيام بما ينبغي القيام به مما لا موجب لتأخيره؛ كلقاء عدوٍّ مثلًا، وهذا ما وقع فعلًا في غزوة بدر الكبرى؛ فقد جرت في شهر رمضان فهو شهر المعارك الفاصلة والتحولات الكبرى والانتصارات التاريخية الحاسمة للأمة المحمدية.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن المتأمل في قرون التاريخ المتعاقبة يجد أن أغلب ملاحم المسلمين وانتصاراتهم قد وقعت في شهر رمضان المبارك؛ ابتداء من معركة بدر الكبرى في السابع عشر من رمضان للعام الثاني من الهجرة النبوية والتي تُعَدُّ مَعلمًا عريقًا ودستورًا مستقيمًا، انبثقت عنه قيم البذل والتضحية في أبهى صورها؛ حيث أثبت صدر الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم عمليًّا أنهم أهل للعطاءِ والفداء.
موضوعات ذات صلة
- دعاء اليوم الثامن عشر من رمضان 2021
- الإفتاء توضح 8 مصارف شرعية.. لمن تخرج زكاة الفطر؟
- المفتي: عدم تعويض أيام الإفطار في رمضان سيظل دين معلق في الرقبة
- شوقي علام يكشف حكم مجامعة المسلم زوجته في نهار رمضان
- المفتي: يحرم صوم المرأة في حالة الحيض والنفاث
- المفتي: عذر كورونا لمن نوى الاعتكاف يجعله في رتبة المعتكف الحقيقي
- دعاء ليلة النصف من رمضان 2021
- مفتي الجمهورية: تحرير سيناء ما كان ليتم إلا ببذل كل غالٍ
- المفتي: عمال المهن الشاقة يجوز لهم الإفطار في حالات معينة
- أنتم أمناء على أنفسكم.. المفتي يوضح حكم الإفطار لطلاب الثانوية العامة
- موعد الإفطار اليوم السبت 12 رمضان في مصر
- دعاء اليوم الثاني عشر من رمضان
وأضاف: وما كان هذا التوفيق الإلهي والنجاح الباهر للمسلمين على الأعداء الطامعين في مقدرات المسلمين ومكتسباتهم والمهددين لاستقلالهم وأمانهم واطمئنانهم إلا بأنهم تحلَّوا بالعزيمة الصادقة والإرادة القوية والمحافظة على أنفسهم من الانحدار في الاستعباد للشهوات والانسياق وراء المغريات، وهي سماتٌ مكتسبةٌ من الصوم الذي يشترط في أدائه أن يكونَ إيمانًا واحتسابًا مع إقامة واجبات هذه الشعيرة الإيمانية وسُننها وآدابها، وهذه الضوابط والآداب تورِّث التعلق بالله تعالى ومراقبته على الدوام، وتَبُثُّ لدى الصائمين التحقق بأسباب القوة وعلو الهمة والانتصار على شهوات النفس، ورغم أن المعارك عنوان الحرب والقتال، لكن هذه المعركة الخالدة تؤكد كغيرها أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة على التعايش والميل إلى السلام والالتزام بالقيم والأخلاق وبذل البر والمعروف دون تمييز أو تفرقة، فقد تحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ألوان العذاب وصبروا على الإيذاء قبل هذه المعركة بخمس عشرة سنة.
وأكد فضيلة مفتي الجمهورية على أهمية هذه المعالم البارزة التي تميزت بها معركة بدر الكبرى؛ من إيثار السلم واستنفاد الخيارات المتاحة على الحرب، والشورى بين القائد وجنوده، كما كان حوار سيدنا الرسول الكريم والصحابي الجليل الخباب بن المنذر في النقاش المتحضر عن أسباب ودوافع الحرب، وكذلك التخطيط المدروس، وأعمال الرصد والاستطلاع لخطط وخطوط العدو، تعطي دروسًا مجيدة في التعايش والسلام وتعظيم المشترك، وتمثِّل عظات بالغة في الكفاح والعزة، وهي بمجموعها كفيلة لتكون في حاضرنا نقطة انطلاق في مسيرة هذه الأمة نحو الاستقرار والتقدم، وتحقيق التكامل بينها وبين العالم والإنسانية.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما جاءت دفاعًا عن وجود الدولة، ولم تكن يومًا من باب الاعتداء على الآخرين دون وجه حق، وهو ما أكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم حين كان يوصي جيوش المسلمين قائلًا لهم: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ لا تَعْصُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَجْبُنُوا، وَلا تُغْرِقُوا نَخْلًا، وَلا تحْرِقُوا زَرْعًا، وَلا تَحْبِسُوا بَهِيمَةً، وَلا تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخًا كَبِيرًا، وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا».
ولفت فضيلته النظر إلى أن الإسلام لم يأمر بالرق قط، ولم يرد في القرآن نص على استرقاق الأسرى، وإنما نزل الوحي في وقت كان نظام الرِّقِّ والاستعباد فيه سائدًا في كل أنحاء العالم، وعرفًا دوليًّا يأخذ به المحاربون جميعًا، فكانت من حكمة الشرع الشريف أنه أذن للمسلمين في مبدأ المعاملة بالمثل، ولم يلغ الرقَّ جملةً واحدةً، بل اختار أن يجفف منابعه وموارده حتى ينتهي هذا النظام كلُّه مع الزمن. وقد أكثرَت الشريعة مِن أسباب العتق؛ حتى صار من الأمور المعلومة ضرورةً من دين الإسلام: تشوُّفه الشديد إلى تحرير العبيد وإنهاء الرق؛ كما نرى في الكفارات، والتحلل من تكليفهم أو ظُلْمهم أو ضَرْبهم.
وشدد فضيلته على أن ما يفعله هؤلاء الخوارج المسمَّوْن (داعش) وغيرُهم، من اختطافٍ للنساء بدعوى سَبْيهنَّ واسترقاقهن: إنما هو بيعٌ للحرائر، وتقنين للاغتصاب، وإكراه على البغاء، وحرابة وإفساد في الأرض، ونقض لذمة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وكلُّها من كبائر الذنوب، وموبقات الآثام، وعظائم الجرائم، التي توعَّد الله تعالى فاعليها بالعذاب الشديد والعقاب الأليم، ولا شأن للإسلام بهذه الأفعال الإجرامية في شيء.
وفي رده على أسئلة المتابعين والمشاهدين قال فضيلة مفتي الجمهورية: إن قيام الليل أو التهجد مشروع في جميع أيام العام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مأمور به على سبيل الوجوب، أما الأمة فهي مأمورة به على سبيل الاستحباب، وكذلك قال فضيلته بجواز قراءة القرآن في صلاة التراويح من الهاتف أو المصحف، إذ يغتفر في النوافل ما لا يغتفر في الفروض.
واختتم مفتي الجمهورية حواره مناشدًا جموع الأمة الإسلامية بالتحلي بروح الانتصارات والفتوحات الإسلامية، والاهتمام بالعمل والاجتهاد حتى تحتلَّ أمتنا الإسلامية مكانتها اللائقة بين الأمم.