الراقصة المناضلة .. دعمت الفدائيين .. تحدت الرؤساء..  و«فقعت» عين دبلوماسي يهودي

«ست بألف راجل» هكذا قيل عنها، اشتهرت بمواقفها المناضلة، فكانت تقوم بتوصيل الأسلحة للفدائيين في منطقة القناة عقب إلغاء معاهدة 1936، كما اشتهرت بجرأتها فتحدت «أتاتورك» ورفضت الرقص أمامه في بيروت، هي الراقصة الشهيرة «تحية كاريوكا».

ولدت في 22 فبراير 1919 بمدينة الإسماعيلية، عاشت حياة مليئة بالمواقف و الأحداث، والحكايات، لتكشف عن شخصية من طراز نادر، ومواقف اتسمت بشجاعة وشهامة بنت البلد الحقيقية.

تحية كاريوكا المناضلة

كان لتحية كاريوكا، دورا في الحركة الوطنية المصرية ، فعملت على توصيل السلاح والذخيرة للفدائيين في منطقة القناة عقب إلغاء معاهدة 1936، خصوصا وأن «تحية» ابنة محافظة الإسماعيلية ، و كانت عضوا في العديد من التنظيمات السرية، والحركات الوطنية التي كانت تقاوم الإحتلال الإنجليزي في ذلك الوقت، وكانت عضوا في تنظيم "حدتو" الشيوعي الشهير.

موقفها من أتاتورك

عندما كانت تحية كاريوكا في جولة فنية بالعاصمة اللبنانية بيروت، رفضت أن ترقص أمام الرئيس التركي ومؤسس العلمانية التركية كمال أتاتورك، وذلك بعد إهانته للسفير المصري، ليرد «أتاتورك» بمنعها من دخول تركيا.

«كاريوكا» المعارضة

اعتقلت تحية كاريوكا مرتين لموقفها ضد النظام بعد حركة يوليو 1952، وذلك أثناء حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مرتين، الأولى عندما داهم البوليس الحربي منزلها، والذي كانت تقيم فيه مع الضابط كمال صدقي، وكان معاديا لحركة يوليو لسنة 1954، حيث عثر البوليس الحربي في منزلها على منشورات ضد حركة يوليو وعلى الرغم من اعتراف زوجها بأنها لا تعلم شيء عن المنشورات، إلا أنه تم اعتقالها لمدة 100 يوما، عانت خلالها من المعاملة غير الإنسانية.

أما المرة الثانية فتم اعتقالها مع عدد من أعضاء الحزب الشيوعي المصري لانتقادهم أداء حكومة جمال عبدالناصر، ولم تكتفي بذلك فكانت تهاجم النظام من داخل المعتقل.

عدائها للصهاينة في «كان»

هاجمت «تحية كاريوكا» الوفد الإسرائيلي، وذلك خلال مشاركتها بفيلم «شباب امرأة»، في مهرجان «كان» عام 1956، وفتحت النار على الممثلة العالمية «سوزان هيوارد» بسبب مدحها للكيان الصهيوني فهاجمتها «كاريوكا» بالإنجليزية «هيوارد» للفرار من كلماتها، ولم تكتفي بذلك بل صفعت الممثل الامريكي «دانيكاي» على وجهه عندما حاول أن يرد لها الإهانة دفاعًا عن زميلته «هيوارد».

إخفائها لـ«السادات» ومعارضته بعد النصر

أخفت الضابط «محمد أنورالسادات» في منزل شقيقتها أثناء هروبه، بعد مقتل «أمين عثمان» و ذلك في العهد الملكي، وبعد ما أصبح رئيسًا للجمهورية إعترضت علي إتفاقية كامب ديفيد فكانت من ضمن المعتقلين لتعلق قائلة:" أخفيت السادات في بيتي في الوقت اللي كان العالم كله بيدور عليه و دلوقتي بيسجني".

كما أخفت «كاريوكا» أيضًا المناضل اليساري الشهير «صلاح حافظ» في منزلها من قوات النظام الناصري، كما شاركت في مظاهرات الطلبة التي شهدتها مصر في عهدي عبد الناصر والسادات، وشاركت في اعتصام الفنانين عام 1987 اعتراضًا على قانون النقابات، والذي تم فضه بأمر مباشر من رئيس الجمهورية بسبب حالة "تحية كاريوكا" التي ساءت وتم تعديل القانون والاستجابة لمطالب الفنانين .

«تحية» تجمع التبرعات للجيش بعد نكسة 67

ورغم موقفها من النظام الناصري، إلا أنها قادت حملة لجمع التبرعات للجيش المصري عقب نكسة 1967، بل وساهمت في نقل الأسلحة للجيش في حرب الإستنزاف ، لدرجة جعلت جمال عبدالناصر يمتدحها قائلا : "إنتي ست بألف راجل يا تحية".

موقفها من القضية الفلسطينية

كانت "تحية كاريوكا"، من أول الفنانين الذين ذهبوا إلى بيروت إبان الحصار الإسرائيلي للقوات الفلسطينة هناك في أواخر السبعينيات، كما زارت قبرص كضيفة في الحفل الذي أقامته منظمة التحرير الفلسطينية لدعم الانتفاضة.

لقائها بالشيخ «الشعراوي»

أثناء تواجدها في فندق الحرم بالمدينة المنورة في الحج، ووسط شدة الزحام إذ بالفنانة "تحية كاريوكا" وقد أراد الله لها التوبة في آخر سنوات حياتها تنادي علي الشيخ «الشعراوي»عن بعد فلم يسمع الأخير، فما كان منها إلا أن شقت الصفوف بكل قوتها، واقتربت منه ونادت عليه فلم ينظر إلي وجهها فقالت له بصوت مرتفع:"انصب طولك ياسيدنا الشيخ وأنظر إلي وجهي تعرفني؟"

فقال لها : أنا لا أعرفك

فقالت له: أنا الفنانة السابقة "تحية كاريوكا".. أريد أن أسلم عليك وتدعو لي"

فقال لها: لو عرفت أنك أنت اللي بتنادي عليٌ كل هذه النداءات لاتجهت إليك رأسًا.. لا رقصًا "، وأخذ بعد ذلك يطيب خاطرها ويدعو لها من قلبه، وهي تبكي من قلبها من خشية الله إيمانا واحتسابا .

تحية كاريوكا مع الرئيس مبارك

في بداية تولي الرئيس مبارك حكم مصر أقيم له حفل غنائي كبير وبحضور مجموعة كبيرة من الفنانين علي رأسهم «فاتن حمامة» و «ماجدة الصباحي» و «فريد شوقي» و«مديحة يسري» و«شكري سرحان» و«تحية كاريوكا».

وبعد إنتهاء الحفل توجه الفنانين لمصافحة «مبارك» وهو ما أغضب «كاريوكا» لتقول بصوت عالي :"وهو ما يجيش يسلم علينا ليه" فسمعها «مبارك» والتفت إليها قائلًا:" ومالوا ياست تحية أجي عندك و أسلم".

وصفق جميع الحاضرين لها على هذا الموقف لتواصل حديثها لـ«مبارك» قائلة:"في ناس في مصر ياريس بتبات من غير عشاء".

مواقف جريئة

قامت «كاريوكا» بصفع فايزة أحمد علي وجهها في سوريا عندما نكرت خير مصر عليها بدون قصد ، كما «فقعت» عين دبلوماسي يهودي كان يريد الرقص مع «فاتن حمامة» بالقوة.

كانت تقوم بذبح 10 عجول في عيد الأضحى، بل كانت توزع اللحوم علي الفقراء بنفسها في مسقط رأسها بمدينة الإسماعيلية لدرجة أن الفقراء كانوا ينتظرون قدومها علي الطريق.

حجت 12 حجة كانت آخرها السنة التي توفت فيها، رغم كبر سنها وثقل وزنها، واصطحبت معها في اخر حجة طفلة صغيرة يتيمة.

نهاية المشوار

وفي 20 سبتمبر عام 1999، رحلت الفنانة "تحية كاريوكا" عن عالمنا إثر تعرضها لجلطة رئوية عقب عودتها من رحلة العمرة ، لتنتهي حياة فنانة و إنسانة من الطراز النادر، ولتبقى سيرتها خالدة إلى الأبد .