خطيب المسجد الحرام: الدنيا ممر يصحب المرء منها الصالحات
ماهر فرجقال الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط ، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن الحياة الدنيا هي دار انتقالٍ وممرٍّ، لا يصحبُ المرءَ منها إلا ما قدَّم لنفسه من الصالحات.
دار انتقال وممر
وأوضح خياط خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن اتِّباع وصايا القرآن، والاتِّعاظ بعظاته، والاعتبار بعِبَره، نهج أولي الألباب، وطريق أولي النهى، وسبيل أولي الأبصار، يبتغون به الوسيلة إلى إدراك المنى وبلوغ الآمال في العاجلة، والحظوة بالرضوان ونزول أعالي الجِنان في الآجِلَة.
موضوعات ذات صلة
- خطبة الجمعة في المسجدين الحرام والنبوي.. توضح حقيقة الحياة الدنيا وانشغال وافتتان الناس بزينتها وزخرفها.. وتؤكد: نعيم الآخرة لا مكافئ ولا مساوي له.. واتباع وصايا القرآن نهج أولي الألباب وسبيل النجاة
- أهرامات الجيزة تستضيف المطرب الأمريكي المشهور جون ليچند وأسرته
- تعبت في الدنيا بدونك.. أصالة توجه رسالة رومانسية لزوجها فائق حسن بمناسبة عيد ميلاده
- الشيخ عبد الله الجهني:: تقوى الله مفتاح كل خير في الدنيا والاخرة
- أجمد واحد فى الدنيا.. أوس أوس يهنئ شيكو بعيد ميلاده
- بعد إعلان ارتباطها.. نجوم الفن يهنئون نسرين طافش: تستأهلى أحسن حاجة فى الدنيا
- نادية الجندي تفاجيء متابعيها بهذه الإطلالة
- الطالبة نيرة شهيدة.. أحمد كريمة: أسأل الله أن يثأر لها فى الدنيا والآخرة
- شاهد| أسما إبراهيم بالأسود المجسم: خلي عندك طاقة إيجابية
- شيرين عبدالوهاب وحبيب «طلاق رايح جاي».. الفنانة تتهمه بالتعرض لها.. ومحام: «رجعوا لبعض والدنيا تمام»
- روان بن حسين من داخل الأهرامات: «أبو الهول كويس» (فيديو)
- النائب السابق محمد إسماعيل: «الوطن وكرامتي خط أحمر ممكن أحرق الدنيا عشانهم» (فيديو)
وأشار إلى أنه قد جاء ضرب الأمثال للناس من تقريب المعاني وإيضاح الحقائق، ما يبعثُ على حُسن القبول والإيمان، وكمال التسليم والإذعان، لبراعة التصوير وبلاغة التشبيه، ومن ذلك: فنون القول البليغ الذي أمر الله به نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ﴿وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا﴾.
حقيقة الحياة الدنيا
وتابع: حين أراد -صلى الله عليه وسلم- أن يُوجِّه الأنظار إلى حقيقة الحياة الدنيا، وانشغال النفوس بها، وافتتان الناس بزهرتها وزينتها وزخرفها، قال صلى الله عليه وسلم : “إن الدنيا حلوةٌ خضِرة، وإن الله مُستخلِفكم فيها فينظر كيف تعملون…”. الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه، والنسائي في سننه، ولا ريب أن للحلاوة والخُضرة مقامهما في النفوس؛ إذ هما موضع أنسٍ لها، وسبب إمتاعٍ تبلغُ به من السرور ما يحمِلُها على دوام الإقبال عليه، والانصراف إليه.
ونوه بأن للناس في هذا الإقبال والانصراف موقفان: موقف أُولي الألباب الذين هداهم الله، فسلكوا أصوبَ المسالك، واهتدوا إلى أشرف غاية، فعلموا أنهم -وإن كان لهم أن يأخذوا بحظِّهم ويُصيبوا ما قُدِّر لهم من نعيم العاجلة- فإن عليهم الحذر من أن يُشغِلهم هذا النعيم ببهجته ونضرته وبريق سحره عن ذلك النعيم المُقيم، والبهجة الباقية، والمتاع الذي لا يفنى، ذلك المتاع الذي أعدَّه الله للصالحين من عباده.
موقفان في الإقبال والانصراف
ودلل بما أخبر عنه بقوله -عزَّ اسمه-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا).
ونبه إلى أنه أخبر عنه النبي – صل الله عليه وسلم- بقوله في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: “قال الله -عزَّ وجل-: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأَت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خَطَر على قلب بشر، واقرأوا إن شئتم: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، ووصف نبينا -صلى الله عليه وسلم-: “إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ يُنادِي منادٍ: إن لكم أن تصِحُّوا فلا تسقَموا أبدًا، وإن لكم أن تحيَوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، وذلك قول الله -عز وجل-: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)”، أخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
ولفت إلى أنه بيَّن عِظَم قدره وعلوَّ منزلته على كل نعيمٍ في الدنيا بقولِه في الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري والإمام مسلمٌ في صحيحيهما من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، أنه قال: قال رسولُ الله – صل الله عليه وسلم -: «لَقابُ قوسِ أحدِكم في الجنة خيرٌ مما طلَعَت عليه الشمسُ أو تغرُب»، وفي صحيح الإمام البخاري – رحمه الله – من حديث سهلِ بن سعدٍ الساعدي – رضي الله عنه -، أنه قال: قال رسولُ الله – صل الله عليه وسلم -: «موضِعُ سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها»، موصيًا المسلمين بتقوى الله عز وجل والتزود ليوم المعاد بخير زاد، فالسعيد من تزوَّد من دُنياه لأُخراه، واتَّقَى اللهَ مولاه، وسلكَ إليه سبيلَ كل مُخبِتٍ أوَّاه.
لم يرفعوا بثوابها رأسا
وأضاف : أما موقف أولئك الذين أغفل الله قلوبهم عن ذكره، واتبعوا أهواءهم وكان أمرهم فُرُطًا، فإنهم جنَحوا إلى سُبُل الضلال، وحادوا عن الجادة، فقعدوا عن أداء الفرائض، ووقعوا في محارم الله، واستكثَروا من أكل الحرام، وقام الشُّحُّ عندهم مقام البذل، فتقطَّعت بينهم الأسباب، ووَهَت الوشائج، وانفَصَمت العُرى، وأضحَى التمتُّع بالنعيم الفاني مُنتهى قصدهم، وغاية سعيِهم، وأكبر همِّهم، ومبلغ علمهم، جمعوا لدنياهم، ونسوا أخراهم، فلم يرفعوا بثوابها رأسًا.
وبين: فكان جزاؤهم كما قال سبحانه: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا)، وحقَّ عليهم ذمُّ الله وتوعُّده لهم في قوله -عزَّ من قائل-: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ* ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).