زلزال الليرة التركية هل سيتحول إلى تسونامي؟
خالد الشافعيحينما نطلق وصف الكارثة على أي اقتصاد في العالم نحن نقصد بالضرورة انهيار عملته ومثل تراجع الليرة التركية بالشكل السريع خاصة في الأيام العشرة الأخيرة ليس وليد الفترة القريبة بل تعود مشكلتها إلى بدايات هذا العام إذ فقدت الليرة حوالي 48% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، أضف إليه أن العملة التركية خسرت 86% من قيمتها أمام الدولار خلال تسع سنوات الماضية منذ 2009.
ولهذا التراجع أسبابه السياسية بشكل كبير الذي يعود إلى مجموعة من المخاوف والمتعلقة في الأساس بتأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على الاقتصاد بدعوته المتكررة إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع التضخم، فضلا عن الخلاف مع الولايات المتحدة، وهنا مربط الفرس حيث تدهورت العلاقات بين البلدين بسبب احتجاز تركيا للقس الأمريكي أندرو برانسون، بتهم الإرهاب، ورد الفعل الطبيعي أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضاعفة الرسوم على ورادات الصلب بـ 20% والألومنيوم بـ 50% في وقت نرى فيه الكثير من المخاوف يترجمها الواقع الداخلي المتمثل في شعور المستثمرين بالقلق من السياسات الاقتصادية لأردوغان.
إلا أنه في الجانب الأخر يتنبأ بعض من رجال الاقتصاد حول العالم في أن يكون هذا عارضا لمشكلة اقتصادية عميقة في وقت يراها أردوغان حربا اقتصادية على أنقرة، ومن هنا ناشد الناس تحويل الدولار والذهب إلى الليرة لدعم العملة المتراجعة إلا أنني أرى أن مشكلة الليرة التركية إنما تمثل فوق هذا قلقا عالميا والسبب طريقة إدارة أنقرة للشئون الاقتصادية.
والخطر الكبير من وجهة نظري يلف بالقطاع المصرفي ورغم استقلاليته إلا أنه في النهاية يتعرض إلى ضغوط السلطة وهذا ما يفسرحجم الإقراض الكبير جدا فثلث القروض المصرفية بعملات أجنبية، ومما لا شك فيه أن عدوى الأزمة التركية ستلقي بضلالها على أوروبا في وقت تسعى فيه تركيا بكل الطرق أن تفتح لنفسها شراكة اقتصادية مع دول الاتحاد الأوروبي.
لكن الموقف الذي يفرض نفسه حاليا قلق البنك المركزي الأوروبي بشأن انكشاف بنوك منطقة اليورو على تركيا، مما دفع أسهمها للهبوط مع تراجع الليرة.
أنا أفسر تفاقم الوضع الاقتصادي من سيئ إلى أسوأ هو فيما دعت إليه غرفة صناعة إسطنبول، أكبر الغرف التجارية التركية، من إجراءات عاجلة لاحتواء العواقب المحتملة للتراجع الحاد لليرة على الاقتصاد وتحليلي لذلك أن جل التقلبات المتسارعة تصدر من منبع واحد مصدره في الأساس عدم الاستقرار المالي.
لكن في النهاية هل ستنجح المساعي لإنقاذ العملة التركية من الانهيار، بعد اتخاذ البنك المركزي التركي، حزمة إجراءات لمواجهة أزمة انخفاض الليرة واعتماد استخدام اليورو كعملة لمقابلة احتياطات الليرة إلى جانب الدولار؟ وهل فعلا سينجح البنك المركزي في مراقبته عمل الأسواق وتطور الأسعار؟ وهل سينجح أيضا في اتخاذ كل التدابير الضرورية لضمان الاستقرار المالي؟