الأهم من التعديلات الدستورية
بقلم محمد السعدنيانشغل الرأي العام المصري خلال الأسابيع القليلة الماضية، بقضية التعديلات الدستورية، بين مؤيد و معارض و أخيراً من يلتزمون الصمت، لكن في وجهة نظري المتواضعة فإن الأهم من التعديلات الدستورية نفسها هو أن نتعرف على دوافع المجتمع المصري للقيام بهذه الخطوة.
و يعتبر الدستور الأمريكى المثال الأبرز للدساتير، منذ عام 1787 وحتى اليوم وجرى تعديله 27 مرة أولها بإدخال 10 تعديلات عام 1791 وآخرها جرى فى مايو 1992.
وخلال نفس الفترة الزمنية غيرت فرنسا دستورها 15 مرة وكان آخرها دستور 1958 الذى أسس الجمهورية الخامسة الذى جرى تعديله عام 1962 بطلب من الرئيس الفرنسى شارل ديجول وبموجبه أصبح انتخاب الرئيس عن طريق الاقتراع العام المباشر ولمدة 7 سنوات قابلة للتجديد.
موضوعات ذات صلة
- السيسي يغادر العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»
- تعرف على أسعار العملات مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء
- عاجل.. إنذار لرئيس النواب لإسقاط عضوية خالد يوسف
- هيثم الحريري يصحح موقفه بشأن تعديل الدستور.. تابع التفاصيل
- السيسي يغادر مقر الاتحاد الأفريقي
- إعتذار نائبة أمريكية مسلمة.. تعرف على السبب!
- بلاغ للنائب العام : بحظر النشر في قضية «الفيديوهات الجنسية»
- حبس سيدة أعمال في فيديوهات خالد يوسف الجنسية
- تعرف على أسعار الحديد اليوم الثلاثاء
- توقيع عقد تعاون استراتيجي بين «سوميد» و «ارامكو» السعودية
- البلطي بـ 23 جنيه.. تابع أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء
- عمران : تامين إلزامى على حياة عملاء التمويل متناهي الصغر
بشكل عام فإن عملية وضع الدستور أو الدساتير مرتبطة بظروف و متغيرات سياسية، تهدف الى خلق توافق مجتمعي على المباديء التي تسير بها الدولة، و عندما نعيد النظر الى دستور 2014، فإنه يمكننا القول بأنه قد كتب في ظل ظروف استثنائية، اتسمت بحالة من عدم الوضوح السياسي و الأمني و عدم اليقين، حيث جاء دستور 2014 معبراً في عدد من مواده عن تلك الحالة، خاصة بعد أن شاب دستور 2012 من استبداد لجهة بعينها عملت على تحقيق مصالحها على مصلحة الوطن،ثم جاءت ثورة 30 يونيو المجيدة وما نجم عنها من رغبة عارمة في استرداد حقوق السيادة للشعب المصري.
و مصر والتى عرفت الدستور للمرة الأولى عام 1923 - وتم وضعه فى ظل الاحتلال الإنجليزي- فقد تم إسقاطه عام 1930 ووضع دستور جديد للبلاد قبل أن يجبر الشعب الملك فؤاد على إعادة العمل بدستور 1923، حتى ثورة 23 يوليو 1952 فدخلت مصر فى مرحلة مضطربة من الدساتير المؤقتة أولها عام 1953 ثم 1956 ثم دستور الوحدة مع سوريا عام 1958 ثم الإعلان الدستورى فى سبتمبر 1962 بعد الانفصال، ثم الدستور المؤقت فى مارس 1964 إلى أن صدر دستور البلاد الدائم عام 1971 وجرى إدخال تعديلات عليه عام 1980 على يد الرئيس الراحل أنور السادات ليغير مدد الرئاسة من مدتين إلى مدد مفتوحة، وفى عام 2005 على يد مبارك لتهيئة الأجواء أمام نجله جمال للترشح من بعده لرئاسة الجمهورية، ثم تم ادخال تعديلات جديدة بعد 25 يناير 2011، فتم اصدار دستور 2012.
ولا يخفى على أحد أن لجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014، قد فتحت الباب أمام امكانية تعديل الدستور وفقاً للمادة 266، وفقاً للتغيرات و الظروف التي قد تشهدها مصر في فترات أعقبت وضع الدستور.
و الحقيقة أن هناك دوافع منطقية لعملية تعديل الدستور، أبرزها أن الدستور في 2014 تم وضعه من جانب لجنة الخمسين التي ضمت ممثلين عن أطياف المجتمع كافة، و قامت اللجنة بكل تأكيد بإنجاز مهمة وطنية، لكن هناك حاجة ماسة إلى مراجعة للدستور تتناسب مع متطلبات ما بعد 30 يونيو و ما تحمله من تحديات حقيقية، بهدف تعديل أو اضافة بعض المواد التي غفلها المشروع الدستوري في ضوء حالة عدم الوضوح، وأنه لا يجوز صناعة دستور ليتلاءم مع فترة مؤقتة، بالاضافة إلى أن أي دستور بطبيعة الحال ليس مواداً مقدسة غير قابلة للتعديل، بل إنه يجب أن يتوافق مع وضع الدولة، و ما تتطلبه من استقرار لتيسير عمليات الاصلاح الاقتصادي و السياسي.
وقد لا نذهب بعيداً حين نقول أن عملية التعديل نفسها تتوافق مع أحكام الدستور الحالي، فالحظر الوارد في المادة 266 ".... و في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمباديء الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات"، مما يعني انه يستهدف حظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، و لم تقترب من مدة الرئاسة نفسها، و المعني بها تعديل الدستور.
و لا يمكن انكار حق مجلس النواب في تعديل مواد الدستور، حيث أنه اذا أراد مشروع الدستور غل يد المجلس في التعديل، لكان حدد نصاً بألا يتم تعديل مواد الدستور عقب مدة محددة من الزمن، خاصة و أن التعديلات لن تمس من قريب أو بعيد الحقوق و الحريات العامة التي تحرص عليها مؤسسات الدولة.
و حول تعديل مدة الرئاسة، وفق المادة 140 من الدستور، فإن مدة الأربع سنوات غير كافية لأي رئيس في أن يقوم بتنفيذ برنامج اصلاحي متكامل، وبالتالي لابد من تعديلها حتى يتسنى تنفيذ البرنامج الرئاسي، لا سيما مع جواز تعديلها دستورياً، حيث لا يخفى على أحد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي نجح في تبني حزمة متكاملة من المشروعات القومية الكبرى التي ستظهر نتائجها خلال مدة زمنية طويلة نسبياً، و لكن استكمالها يقتضي مدة زمنية أطول من المنصوص عليها في الدستور الحالي، ناهيك عزيزي القاريء، عن ان إطالة مدة الرئاسة تمنح المواطنين قدرة أكبر على مساءلة الرئيس، وإلا فكيف بالله عليكم سيتم تقييم الرئيس على مشروعات تبناها و انجازات بدأت في عهده و تنتهي في عهد خلفه.
و قد تتفق معي عزيزي القاريء، في أنه ليس من الملائم أن تكون مدة البرلمان خمس سنوات وفي المقابل تكون مدة رئيس الجمهورية أربع سنوات فقط، بل ينبغي أن تكون مدة بقاء الرئيس في منصبه ست سنوات على الأقل.
و اعتقد أن شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي و ثقة المواطنين به، تعزز من فرص إجراء تعديلات دستورية، خاصة في ضوء الانجازات التي حققها الرئيس والواضحة للعيان.
و بما أن الديمقراطية تتطلب احترام الرأي و الرأي الأخر، سيتم طرح التعديلات في استفتاء شعبي ليقول كل مواطن حر وجهة نظره في الصندوق.