بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية.. «البشير» صاحب أطول فترة حكم في تاريخ السودان
كتب محمد الصيادوضع الجيش السوداني عمر البشير، تحت الإقامة الجبرية في منزله واعتقل حراسه وأكثر من 100 شخصية سياسية مقربة منه، وعقد اجتماعا لهيئة أركان الجيش السوداني لتشكيل مجلس انتقالي لرئاسة البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية، ليكون «البشير» صاحب أطول فترة حكم في تاريخ السودان.
مولده ونشأته
ولد الرئيس السوداني عمر حسن البشير في يناير 1944، في قرية "حوش بانقا" بالقرب من مدينة "شندي" شمال السودان، وبدأ دراسته وحصل على درجة الماجستير في العلوم العسكرية في كلية القادة والأركان عام 1981، ثم الماجستير في العلوم العسكرية من ماليزيا عام 1983، وعضو زمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية عام 1987.
وقضى البشير القسط الأكبر من حياته بين ثكنات الجيش، الذي التحق بصفوفه في سن مبكرة، وارتقى في سلمه إلى أعلى الدرجات، بل كان بوابته إلى الرئاسة عبر الانقلاب العسكري، ففي بدايات حكمه كان البشير يرفض التنازل عن قضيتي علاقة الدين بالدولة ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير.
رئيس الانقلاب
في عام 1989 قام البشير بانقلاب عسكري على الحكومة التي كان يتزعمها رئيس الوزراء الصادق المهدي، وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهو العام نفسه الذي تقلد فيه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معًا، ليصبح بذلك أول رئيس يقضي أطول فترة حكم في تاريخ السودان.
ومنذ ذلك الانقلاب، لم تتم أي انتخابات رئاسية حتى عام 2010 الذي فاز فيها البشير بعد أن انسحبت المعارضة منها، واصفة إياها بـ"غير النزيهة"، كما أنه تعرض لكثير من الانتقادات من قبل المنظمات الإنسانية، واتهمته المحكمة الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب ضد الإنسانية في دارفور منذ عام 2009.
انتماؤه السياسي
وينتمي البشير للتيار الإسلامي، كما أن الانقلاب - الذي قاده في 30 يونيو 1989 ضد حكومة الصادق المهدي وسمي "ثورة الإنقاذ"- دعمه الإسلاميون، ويعتبر البشير أحد تلاميذ المفكر الإسلامي الراحل الدكتور حسن الترابي، ولفترة طويلة، مما جعل السودانيون يقولون إن البشير رئيس في النهار وتلميذ منضبط في الليل، وإن الترابي هو الحاكم الفعلي للبلاد، قبل أن ينقلب لاحقا على الترابي ويزج به في السجن أكثر من مرة.
اتفاقية سلام وحرب الجنوب
وسعى البشير مرارًا وتكرارا لتخفيف الضغوط الخارجية، فوقع اتفاقا للسلام مع جنوب السودان عام 1996 مع مجموعة رياك مشار بعد انشقاقها عن جون قرنق عام 1991، ثم تواصلت الجهود الدولية للوساطة بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان، وأفضت إلى عقد لقاء بين البشير وزعيم الحركة جون قرنق في العاصمة الأوغندية كمبالا في يوليو 2002، أعقبه توقيع اتفاق "مشاكوس" في العام نفسه، والذي حسم مسألتي علاقة الدين بالدولة، فاقتصر تطبيق الشريعة الإسلامية على الشمال فقط، ومنح الجنوب الحق في تقرير المصير بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات.
وفي أغسطس 2003، توصلت حكومة البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان إلى اتفاق آخر في نيفاشا بكينيا بشأن الترتيبات الأمنية والعسكرية في الجنوب، والمناطق الثلاث المعروفة بالمنطقة المهمشة (جبال النوبة وأبيي وجنوب النيل الأزرق) وشرق السودان، وتكوين جيش موحد في المستقبل من القوات المسلحة والجيش الشعبي، وفي 2005 وقعت حكومة البشير اتفاق سلام وتقاسم ثروة وسلطة بين الشمال والجنوب الذي حظي بحكم ذاتي، وذلك قبل أن يصوت الجنوبيون في استفتاء 9 يناير 2011 لصالح الانفصال وإنشاء دولة "جنوب السودان".
تظاهرات 2013
في 2013، خرج المواطنون السودانيون يطالبون برحيل نظامه، لتتعامل قواته مع المتظاهرين بقسوة غير معهودة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص واعتقال الآلاف وفق منظمات حقوقية سودانية، كما تعرض نظام حكمه في العام ذاته لمحاولة انقلابية اتهم فيها عدد من العسكريين المقربين منه إلى جانب مدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق صلاح عبد الله الملقب بقوش، قبل أن يحل حكومته في نهاية العام ويبعد منها عددا من الوجوه الإسلامية القديمة بعد شكوك بشأن تبدل ولائها تجاه النظام.
النهاية والسقوط
في نهاية 2018 خرج السودانيون مرة أخرى للاحتجاج على الغلاء مطالبين بتحسين الخدمات، لكن الاحتجاجات ما لبثت أن شهدت تحولا جذريا، فقد رفع المتظاهرون أصواتهم مطالبين بإسقاط نظام البشير، وبعد أشهر من الاحتجاجات اعتصم السودانيون أمام مبنى قيادة الأركان وطالبوا الجيش بالتدخل لعزل البشير.
وفي صباح اليوم الخميس، أعلن التليفزيون السوداني أنه سيبث بيانا مهما للقوات المسلحة، في حين انتشرت الآليات العسكرية بمحيط القصر الجمهوري بالخرطوم، وبعد ساعات قبل إذاعة البيان ظهرت أنباء بأن الجيش أطاح بالبشير واعتقل أبرز مساعديه، وتشكيل مجلس انتقالي لإدارة البلاد.