يوم نجاة يوسف وهبي من حشر السيخ «المحمي في صرصور ودنه»
فى سنة 1926 قام بزيارة يوسف وهبى؛ المستشار الخاص بالرئيس التركى كمال أتاتورك، وكان ألمانى الجنسية ( د. كروس )، وكانت المقابلة بوساطة الأديب التركى وداد عرفى, و كان كروس ممثلاً لمؤسسة سينيمائية ألمانية مشهورة، وقد نال كروس موافقة الرئيس التركى فى إنتاج فيلم سينيمائى ضخم بعنوان «محمد رسول الله» نال موافقة لجنة من علماء الإسلام بإستانبول كدعاية للدين الإسلامى و إظهار عظمته و سمو تعاليمه؛ على أن يتم تصوير الفيلم فيما بين باريس و صحراء السعودية.
كان العرض الألمانى التركى للفنان يوسف وهبى؛ أن يقوم بتجسيد دور الرسول.. وافق يوسف وهبى على القيام بالدور فى مقابل عشرة آلاف جنيه, وقام بتوقيع عقد الإتفاق بالسفارة الألمانية .. انتشر الخبر كالنار فى الهشيم, و هاجت الدنيا و ماجت و قامت و لم تقعد, واتفق الجميع, وتوافق كل أطياف الشعب على ضرورة حشر الشيخ المحمى فى صرصور ودن يوسف وهبى إن لم يرتدع و يتراجع عن تلك الفعلة الشنعاء, و كل واحد وأسلوبه فى ما بين محاولاته لإقناع يوسف بك وهبى فى الإقلاع عن الفكرة والتهديد والوعيد له فى حال الإصرار على الاستمرار فى المشروع, لدرجة دخول الملك فؤاد شخصياً فى زمرة المهددين بالتجريد من الجنسية المصرية و النفى خارج البلاد.
ما زاد الطين بَلَّة؛ شيوع خبر مُغرض بإختيار يوسف وهبى لملامح شخصية راسبوتين (الجاسوس الدنئ والدجال و زير النساء) لتكون هى صورة الرسول فى الفيلم؛ فى حين أن حقيقة الأمر كانت فى حصول وداد عرفى مندوب الشركة الألمانية على صور الشخصيات التى قام يوسف وهبى بتجسيدها لعرض إمكاناته على الشركة التى يمثلها للوقوف على قرار إسناد الدور ليوسف وهبى من عدمه و منها صورته التجسيدية لشخصية راسبوتين وسط عدة صور لشخصيات أخرى قام بتجسيدها.. هذا؛ إلى جانب الهجوم على شخص يوسف وهبى لذاته, ووصفه بكونه صاحب مزاج جنونى و حركات تشنجية وعيون شهوانية وكونه مبتذلا مستهترا فى مظهره العام, وبالتالى عدم صلاحيته لتمثيل شخصية الرسول ذو الوقار و الهيبة و الرزانة و التقوى, وبالتالى زُعِمَ أن غرضه هو إهانة مقام النبوَّة.
وإنقسم متناولوا الموضوع إلى فريقين؛ منهم من إنتهج موضوعية الطرح و منهم من إتخذ ” الشرشحة ” منهاجاً؛ مع الإجماع الكامل فى ضرورة منع و إثناء يوسف وهبى عن لعب الدور المطروح عليه بأى شكل و بأى وسيلة ممكنة.. و شمل الهجوم على يوسف وهبى ظهور فتوى من شيخ الأزهر بتحريم تصوير الرسل و الأنبياء و الصحابة.. ومخاطبة مشيخة الأزهر لوزارة الداخلية لمنع يوسف وهبى عن القيام بالدور عن طريق منعه من السفر و التى بدورها استدعت يوسف وهبى و قامت بتهديده للعدول عن مشروعه, و نزعت منه تعهده بعدم القيام بتجسيد الدور.
أبدع أحد علماء الأزهر فى الرد على مبدأ عدم تمثيل شخوص الأنبياء و الصحابة و شرح أهم أسباب منع فكرة تشخيص الأنبياء و الصحابة و هى منع نشر ما فى التاريخ من فضائح و مخازى – فى رأى الغرب لجهلهم بما فيها من أهداف نبيلة – كأحداث الحروب و الفتن بين الصحابة و محاصرة عثمان بن عفان و ما تلاه من أحداث مخزية, و فضائح الخلاف بين على بن ابى طالب و معاوية, أو ما حدث للحسين و ما وقع فى صدرالدولة الأموية وغيرها.
وشهدت صفحات جريدة الأهرام حلقات النزال بين يوسف وهبى ومؤيديه ومعارضيه و مجلة المسرح التى طرحت و أثارت الموضوع و تأليبها للرأى العام بما أثارته من حقائق ممتزجة بالإفتراءات.. المهم؛ إن الشتائم والتهديدات و النصائح أتت بالنتائج المرجوَّة منها على شخص يوسف وهبى وإنصرافه وعدوله التام عن تنفيذ الفكرة، و لم تُعدل الشركة الألمانية عن تنفيذ مشروعها – بعد فشل مساعى الحكومة المصرية فى منع تصوير الفيلم وقيام ممثل يهودى بالقيام بالدور ونجا يوسف بك وهبى بأعجوبة من حشر الشيخ المحمى فى صرصور ودنه.