إنعام سالوسة.. جولدا مائير دمياط الشاملة: ”أنا ماما يلا”

ليس كل بطلًا نجمًا، وليس كل نجم بطلًا فمعظم نجوم الفن الذين نعشقهم ليسوا أبطالًا وأسماءهم على تترات الأفلام والمسلسلات لم تكن الأولى وقد لا يكون لهم صورًا على أفيشات الأفلام، ولكن حفروا مكانتهم في قلوبنا بإطلالتهم وليست ببطولاتهم، وعلي مدار عشرات السنين نجدهم ولا نفتقدهم.

 

 

من منا يستطيع أن ينسي الست إنعام سالوسه المبدعة والتلقائية وواحدة من ضمن أفراد الأسرة المصرية لها كرسي في كل بيت كما لو كانت من العيلة نعم بهذا القدر والاقتدار كانت إنعام سالوسه الذي حباها الله حب الناس لها فمن منا يستطيع أن ينسى وصيفه في ليالي الحلمية، نعمة في مسلسل ذئاب الجبل، الموظفة في الإرهاب والكباب، أم سعيد في عسل أسود، جولد مائير في السقوط في بئر سبع، حسنة في مسلسل غوايش، أم هنيدي في همام في أمستردام، فوزية في الدنيا على جناح يمامة، أم المصري في فيلم المواطن مصري.

 

 

الشخصية الأكثر تأثيرًا على أحداث العمل الفني سينما أو تليفزيون أو إذاعة تجد إنعام سالوسه بأدائها البسيط التلقائي مرة وأدائها الصارم والقوى مرة أخرى، تعددت أدوارها على السينما والتليفزيون ما بين الاجتماعي والديني والكوميدي وما بين الأم والزوجة والابنة العانس وما بين الخير والشر.

 

 

لم تسجن نفسها أو يسجنها المخرج في دور واحد، وذلك نظرًا لبراعتها وإقناع المخرج قبل المشاهد أنها تسطيع أن تتميز في كل الأدوار، وبالفعل الكل يصدقها في أي دور مهما كان.

 

 

ابنة محافظة دمياط المولودة في 9 سبتمبر 1939 ظهرت البداية الفنية لإنعام سالوسة في المدرسة الثانوية حيث كانت تعزف على الأوكورديون ثم اشتركت في فريق التمثيل في الجامعة، وشاركت في العديد من الأعمال المسرحية للمسرح الجامعي لكلية الآداب جامعة عين شمس.

 

 

بعد حصولها على ليسانس الآداب عام 1961، التحقت بمعهد الفنون المسرحية لتثقل موهبتها حتى تخرجت منه عام 1964 ثم تزوجت من زميلها الجامعي المخرج المسرحي “سمير العصفوري” الذي أخرج العديد من المسرحيات أشهرها “العيال كبرت” وأثمر الزواج عن ابنتين هما تغريد ومني.

 

حظيت إنعام سالوسه لدى المشاهد بقبول كبير فكانت قاسمًا مشتركًا في نصف الأعمال الدرامية في التليفزيون المصري في الثمانينات والتسعينيات من أشهر هذه الأعمال (غوايش أنا وأنت وبابا في المشمش والسقوط في بئر سبع وهو وهي ويارجال العالم اتحدوا وذئاب الجبل وامرأة من زمن الحب).

 

 

وفي السينما قدمت أدورًا صغيرة في أفلام كبيرة فكانت بأدوارها الصغيرة كبيرة منها (الدنيا على جناح يمامة والمواطن مصري ورحلة النسيان والإرهاب والكباب وعسل أسود وهمام في أمستردام وديك البرابر وعايز حقي).

 

 

أحبها الجمهور وارتبط حتى بالجمل الحوارية التي لازمتها في بعض أعمالها مثل "يا مُرك يا نعمة" في مسلسل ذئاب الجبل "إن شاء الله وألف ألف مبروك" في فيلم عايز حقي، نضحك معها في أدوراها الكوميديا كما لو كانت ماري منيب أو زينات صدقي ونتأثر بها في أدوار المغلوب على أمرها أو الضحية كما لو كانت أمينة رزق أو سناء جميل، ونشعر معها بصدق كبير في أدوار الأم كما لو كانت فردوس محمد أو كريمة مختار، ونكرهها بشدة في أدوار الشر كما لو كانت نجمة إبراهيم.

 

 

تميزت أيضًا بالإلقاء فقد كانت ومازالت عاشقة للغة العربية، فهي واحدة من الفنانات القليلات اللاتي يجدن قواعد اللغة العربية السليمة وتتلمذ على يدها في الإلقاء كبار نجمات مصر على رأسهن سعاد حسني والتي ارتبطت بها بصداقة قوية.

 

 

تعاملت مع كل الأجيال من أول مسلسل لها "لا تطفئ الشمس" مع كرم مطاوع إنتاج الستينات وكانت أخت كرم مطاوع في المسلسل وهو دور فتاة جاد جدًا لدرجة كادت أن تكون معقدة نفسيًا مرورًا بأدوارها المتعددة التي لا يختلف عليها أحد، حتى ظهورها مع أجيال جديدة في أعمالهم كان مجرد ظهورها معهم يثقل العمل الفني مثل أعمال "تامر وشوقية" و"الحرب العالمية الثالثة" و"إكس لارج".

 

 

ظلت متواجدة ومتوهجه مع كل الأجيال وظلت مكانتها محفورة في قلوب الملايين مثلها مثل كل فنان أحب واحترم فنه وجمهوره فاحترمه وأحبه الجمهور، لم تحظ بالتكريم والتقدير الرسمي الذي تستحقه عن جدارة ولا أدري لماذا تغفل عنها محافل التكريم التي أصبحت كثيرة دون داع بل وتمنح جوائز وتكريمات لمن لا يستحق أكثر ممن يستحق.

 

 

وإن كانت هذه المهرجانات الرسمية أو غير الرسمية قد تغافلت أو تناست فنانة مبدعة مثل إنعام سالوسه فنحن نكرمها في هذه المقال المتواضع لموهبتها وحضورها وعطائها واحترامها لفنها وجمهورها.. متعها الله بالصحة والعافية ومحبة الناس.