بقلم رئيس التحرير| الفايدة وسنينها ولياليها (تحليل اقتصادي)
في خطوة كانت بالمتوقعة، قام البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي بخفض أسعار الفائدة، الذي يعتبر خفضا تأشيريا للبنوك العاملة في القطاع المحلي المصرفي، أي قد تأخذ به البنوك أو لا، لكنها في العادة تتبع قرار البنك المركزي.
الخفض للمتابعين لأسعار الفائدة من مودعين ومستثمرين ورجال أعمال أو حتى أصحاب المشروعات الصغيرة والتوسطة، هو الأول من نوعه منذ ما يقرب من 4 سنوات.
ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، فإن الحكومة هي أبرز المستفيدين من قرار خفض أسعار الفائدة بالبنوك، خاصة بعد تضخم الدين العام الداخلي والخارجي، وبلغت خدمة الدين الدين الحكومي أو فائدته ذروتها، حيث خصصت الحكومة ما يزيد على نصف ترليون جنيه لخدمة الدين في العام المالي الحالي، ما يمثل نسبته نحو 36% من الموازنة نفسها.
والحكومة ليست بمعزل عن شعبها، فهناك العديد من الشرائح التي آن لها أن تنتعش بهذا الخفض الذي أقره طارق عامر محافظ البنك المركزي، في مقدمتهم المقترضين الذين امتنعوا في الفترة الماضية عن الاقتراض من البنوك بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الإقراض، حيث من المتوقع أن يشهد الإقر اض في البنوك زيادة ملحوظة في الفترة المقبلة.
و يمثل قطاع العقارات الذي شهد حالة من الركود خلال الفترة الماضية، أبرز المستفيدين من قرار خفض الفائدة، بعد أن لجأ المواطنون في الفترة الماضية إلى إيداع أموالهم ومدخراتهم في البنوك بدلا من الاستثمار في العقارات للاستفادة من أسعار الفائدة التي كانت مرتفعة، فيما عانى القطاع من زيادة المعروض مقابل ندرة الطلب وكذا ارتفاع الأسعار.
وكان قطاع العقارات قد عانى من فترة ركود خلال الفترة من 1998 حتى 2002.
كما أن البورصة ليست بمنأى عن المستفيدين من قرار خفض أسعار الفائدة،حيث سيتجه أصحاب الودائع إلى الاستثمار في البورصة، وخاصة لاستغلال برنامج الطروحات الخاص بالشركات الحكومية والمقرر إطلاقه عن قريب.
ورجال الأعمال خاصة أصحاب المصانع، لن يفوتوا هذه الفرصة لتنفيذ توسعاتهم التي أجلتها أسعار الفائدة المرتفعة.
واقتصاديا، فإن خفض الفائدة سيشجع المزيد من المستثمرين على البدء في مشروعات جديدة تجذب مزيدًا من العمالة للمساهمة في تقليل أعداد العاطلين عن العمل.
وبحسب آخر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجع معدل البطالة خلال الربع الثاني من عام 2019 إلى 7.5% مقابل 8.1% خلال الربع السابق عليه، ومقابل 9.9% خلال نفس الربع من العام السابق.
خطوة قد يتضرر منها المودعين والمستثمرين في أدوات الدين الحكومي، لكن أثارها الإيجابية تفوق سلبياتها.
ننتظر من البنك المركزي مزيد من خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار المحلي والمستثمرين، بدلا من الركون إلى الإيداع وانتظار الفائدة الشهرية والسنوية.. فالدول تنهض بالاستمار وليس بحجم الودائع فقط.
وكانت لجنة السياسة النقدية، التابعة للبنك المركزي قد قررت خفض سعر الإيداع لأجل ليلة واحدة إلى 14.25 % من 15.75 %، وسعر الإقراض لليلة واحدة إلى 15.25 % من 16.75 %.