موقع السلطة
الأحد، 10 نوفمبر 2024 06:07 صـ
موقع السلطة

رئيس التحرير محمد السعدني

  • اتحاد العالم الإسلامي
  • nbe
  • البنك الأهلي المصري
مقالات رأي

نريده أن يظل مقدسًا

طارق ثابت
طارق ثابت

منذ ما لا يقل عن ستة أشهر متتابعة، هبّ الجزائريون من كلّ حدب و صوب، في ما أطلق عليه بـ "الحَراك الشعبي المبارك"، رافضين عهدة خامسة، مستنكرين بذلك نظامًا برمّته، مطالبين بتنحية كبار قادته وإسقاط أبرز رموزه ورؤوسه، الجاثمين على صدر سدّة الحكم منذ عشرين عامًا.

 

كذلك كانت البداية، مَهيبة ومقدّسة، ترجمتها كتابات وهتافات وصرخات، لهجت بها ألسن الوطنيين المخلصين، في وطن أصبح يطالب الشرفاء من أبنائه، بضرورة إعادته إلى منزلته التي كان عليها،في سنوات خلت،و التي اغتصبها منه أبناؤه الذين كثيرا ما نادوا بحبّه والولاء إليه، ليكتشف إبّان الحَراك الشعبي الذي هو بمثابة انتفاضة شعبية سلميّة، أنّه تعرّض للخديعة و المؤامرة، ولا يتآمر ضدّ وطنه إلاّ خائن لعوب.

 

الانتفاضة السلميّة للشعب الجزائري،المتشبّث بحريّته و قدسيّة حَراكه،جاء ليلخّص أحداث ربيع عربيّ جديد،المطلب الوحيد فيه،عودة الجزائر للجزائريين،وتخليصها من قبضة امبراطوريات الفاسدين،ومن احتكار السياسيين المتلاعبين،الذّين استفاقوا على زلزال شعبي رهيب،هدّ قلاعهم التي اعتقدوها محصّنة، من فوق رؤوسهم وأرسلهم إلى قلاع، الشّعب فيها هو السيّد و الحَكمْ .

 

الظلم، الاستبداد، اللّاعدالة و اللّامساوات.. عناوين عريضة،كانت محور انطلاق الانتفاضة الجزائريّة السلميّة، التي أرادت أن توصل حجم البؤس الاجتماعي المسكوت عنه، من بطالة وفقر ومحدودية الدّخل الفردي، وهجرة للأدمغة الفارّة من جحيم الوطن المحتجز، بما في ذلك خيراته الظّاهرة والباطنة، إلى عوالم أخرى، في كثير من الأحيان يكون المستقبل فيها مجهولا.

 

الزلزال الشعبي الذي أحدث تغييرات جذريّة في نظام الحكم الجزائري،أَبَانَ وبعد بضع أسابيع عن قوَّته، وَوِحْدته، وبأنّ الشّعب هو سيّد الموقف بعد فشل القادة السياسيين، في مهامهم المنوطة بهم،بل وتورّط العديد منهم في قضايا فساد من العيار الثقيل،الأمر الذي  اعتبره الشّارع الجزائري، خيانة لا يمكن أن تتجاوزها العدالة أو تتغاضى عنها،لأن المال، مال الشّعب، ومن حقّ هذا الأخير التمتّع بأمواله المنهوبة و المهرّبة، من طرف حفنة من الوجوه السياسيّة المغضوب عليها اجتماعيّا.

 

قدسيّة الحَراك الشعبي الجزائري،تتجلّى في التفاف العدالة حول مطالب الشّعب، والأخذ بيده إلى برّ الأمان،و الضّرب بيد من حديد على أولئك الذين عاثوا في البلاد فسادا، ناسين أو متناسين المثل الشعبي المصري القائل " الدخول إلى الحمّام ليس مثل الخروج منه " كما أنّ قدسيّته تجسّدت في سلميته الضّاغطة،التي أسقطت العديد من الفاسدين دون أدنى تمييز، فعزيز الأمس هو ذليل اليوم، وسجّان الأمس هو سجين اليوم، في دورة زمنية مرعبة، أظهرت فعلا أن دوام الحال من المحال، وأنّ "الله قبّاض العفاريت".

البنك الأهلي
طارق ثابت نريده أن يظل مقدسًا أخبار مصر مقالات
tech tech tech tech
CIB
CIB