تفاصيل أول 48 ساعة من مفاوضات ”سد النهضة” بواشنطن
كتب أحمد المالحاستضافت الولايات المتحدة اجتماعًا لوزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، برعاية أمريكية وبحضور البنك الدولي، دعت إليه الإرادة الأمريكية، لبحث كسر الجمود في مفاوضات سد النهضة الإثيوبية.
وخلال 48 ساعة، عقد الوزراء الثلاثة عددا من الاجتماعات وصفت- في مجملها- بـ"المثمرة"، سواء فيما يتعلق بالعلاقات المصرية الأمريكية أو بسد النهضة الإثيوبى.
- لقاء كبير مستشارى ترامب
وفي مستهل زيارته، التقى شكري مع "جاريد كوشنر"، كبير مُستشاري الرئيس الأمريكي، وذلك لبحث سُبل دفع العلاقات المُتميزة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية إلى آفاق أرحب، ودعم آليات التعاون الثنائي في كل المجالات، بما يتوافق مع طبيعة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ويسهم في تعزيزها وتعميقها لتحقيق المصالح المشتركة للدولتين.
وخلال اللقاء، أكد شكري على قوة ومتانة العلاقات الاستراتيجية الراسخة التي تربط بين مصر والولايات المتحدة، والأهمية التي توليها مصر لاستمرار التنسيق والتشاور بين البلدين حول سبل ترسيخ السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في ظل حالة عدم الاستقرار والأزمات المتعددة التي تعاني منها المنطقة.
- استعراض تطورات "سد النهضة"
وخلال المباحثات استعرض شكري بشكل مفصل الجهود المصرية المتواصلة على مدار السنوات الخمس الماضية للتوصل إلى اتفاق عادل يحقق المصالح المصرية والسودانية والإثيوبية، وأسباب تعثر المفاوضات نتيجة عدم تجاوب الجانب الإثيوبي، كما أعرب شكري عن شكره وتقديره للمبادرة الأمريكية باستضافة اجتماع يجمع بين وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا بمشاركة البنك الدولي.
وتناول اللقاء كذلك عددًا من القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث استعرض وزير الخارجية الجهود المصرية الهادفة إلى استئناف عملية المصالحة الفلسطينية، والحفاظ على الهدوء في قطاع غزة مع العمل على تخفيف المعاناة وتحسين الظروف المعيشية في القطاع.
وفي هذا السياق، أعرب شُكري عن دعم مصر لجميع الجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، والدفع قدمًا بمساعي إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك وفقًا لمُقررات الشرعية الدولية، وعلى أساس حل الدولتين، بما يسهم في أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط ويحقق رفاهية شعوب المنطقة.
وتطرقت المباحثات كذلك إلى كيفية التوصل إلى حلول سلمية للصراعات في المنطقة، خاصةً في ليبيا وسوريا، حيث شدد شكري على وضع حد للدور التخريبي لتركيا في المنطقة وإنهاء احتلالها غير الشرعي لأجزاء من شمال سوريا.
- شكرى يلتقى أعضاء الكونجرس
وفي إطار التواصُل مع أعضاء الكونجرس، التقى شكري، السيناتور الجمهوري جون باراسو، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور الجمهوري "ليندسي جراهام" رئيس اللجنة القضائية ورئيس اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات الخارجية وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، حيث تناولت اللقاءات سُبل دفع الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الدولتين والدور الهام الذي يلعبه الكونجرس في إطار دعم تلك الشراكة.
وخلال اللقاءات التي أجراها شكري حظي ملف سد النهضة على اهتمام بالغ، حيث حرص وزير الخارجية على عرض آخر التطورات الخاصة بملف سد النهضة، والجهود المصرية للوصول إلى اتفاق يحافظ على مصالح كل الدول المعنية، وهو الأمر الذي لم يتسن تحقيقه حتى الآن نظرًا لعدم تجاوب الجانب الإثيوبي.
وركزت اللقاءات على استعراض التطورات الإيجابية التي تشهدها مصر على كل الأصعدة، فضلًا عن الجهود التي تقوم بها مصر للتحوُّل إلى مركز إقليمي للطاقة في منطقة شرق المتوسط، وكذلك الدور الذي تقوم به مصر لتعزيز الاستقرار والتوصل إلى حلول سياسية لسائر ملفات المنطقة، وكذا سبل مواجهة الدور التركي في زعزعة أمن واستقرار المنطقة.
وتناول اللقاء مُجمل ملفات المنطقة وتطورات الأوضاع الإقليمية، وسط اهتمام بالاستماع للرؤية المصرية الهادفة لحلحلة الأزمات بغية استعادة الاستقرار وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة. كما أطلعه الوزير شكري على الجهود المصرية في إطار مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، وحرصها على التعامل مع الظاهرة من منظور شامل، مؤكدًا ضرورة تكاتف جهود المجتمع الدولي لمواجهتها وكذا التصدي للدول الداعمة والمُمولة لها، مشيرًا إلى المبادرات المصرية ذات الصلة في هذا الشأن.
- اجتماع في البيت البيضاوي
قبيل انطلاق اجتماع وزراء الخارجية، التقى ترامب ممثلي الدول الثلاث في البيت البيضاوي، بحضور وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين ومدير البنك الدولي.
وقال ترامب، عبر صفحته الرسمية بـ"تويتر"، أن الاجتماعات سارت بشكل إيجابي وأن المفاوضات بين ممثلي الدول الثلاثة مستمرة على مدار اليوم.
- الاجتماع الثلاثي حول سد النهضة
وفي الساعة التاسعة- بتوقيت القاهرة- مساء الأربعاء 6 نوفمبر، انطلق الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا بمقر وزارة الخزانة الأمريكية.
وعقب 4 ساعات تقريبًا من المفاوضات، كشفت وزارة الخزانة الأمريكية عن بيان مشترك للوزراء أعادوا فيه التأكيد على التزامهم المشترك بالتوصل لاتفاق شامل وتعاوني وتكيّفي ومستدام ويحقق المنفعة المشتركة في ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وإنشاء عملية واضحة للوفاء بذلك الالتزام وفقا لإعلان المبادئ لعام 2015.
وخلال الاجتماع، أكد شكري على أن مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق متوازن يمكن إثيوبيا من تحقيق الغرض من سد النهضة، وهو توليد الكهرباء، دون المساس بمصالح مصر المائية وحقوقها، وأن مياه النيل هي مسألة وجودية بالنسبة لمصر، كما أوضح أهمية الدور الذي اضطلع به الوفد الفني من قبل وزارة الخارجية ووزارة الموارد المائية والري في عقد سلسلة اجتماعات مكثفة لاطلاع دوائر الإدارة الأمريكية والبنك الدولي على مجمل الموقف الفني والقانوني المصري، وبما يؤكد على عدالته في إطار التنسيق من قبل مؤسسات الدولة وما توليه من أولوية لهذا الملف الحيوي.
- نتائج الاجتماع الثلاثي
وعقب الاجتماع، صرح شكري أن الاجتماعات قد أسفرت عن نتائج إيجابية من شأنها أن تضبط مسار المفاوضات وتضع له جدولًا زمنيًا واضح ومحدد، حيث تقرر أن يتم عقد أربعة اجتماعات عاجلة للدول الثلاث على مستوى وزراء الموارد المائية وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين بحلول 15 يناير 2020، على أن يتخلل هذه الاجتماعات لقائين في واشنطن بدعوة من وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين لتقييم التقدم المحرز في هذه المفاوضات.
وأعرب وزير الخارجية عن تقدير الرئيس عبد الفتاح السيسي العميق لرعاية الرئيس دونالد ترامب لهذه المفاوضات واستقباله للوزراء الثلاثة والدور البناء والمحوري الذي يضطلع به الرئيس ترامب والولايات المتحدة، وبما يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين مصر والولايات المتحدة، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في التوصل لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة وبما يعزز من تحقيق الاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الإفريقي.