مجلس الأمة الكويتي .. أزمة نادرة وأحداث متسارعة وانفراجة قريبة
وكالات - رامي خلفمظاهرات وتراشق للاتهامات وقرارات بالجملة وأحداث متسارعة واستقالات، أحداث نادرة عاشتها الكويت خلال الفترة الماضية بسبب أزمة مجلس الأمة الكويتي.
شهر نوفمبر الحالي جاء على دولة الكويت بخريف معبأ بمشاحنات ومظاهرات ووصل الأمر لاتهامات علنية وعواصف إعلامية وزوبعة بيانات وتصريحات، دفعت الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء الكويتي للتقدم باستقالته.
تجاوزات صندوق الجيش
ديوان المحاسبة في الكويت وعدد من نواب مجلس الأمة كشفوا عن "تجاوزات مالية" فادحة في صندوق الجيش تصل إلى درجة شبهة جرائم متعلقة بالمال العام، بقيمة تجاوزت 240 مليون دينار.
وزير الدفاع الكويتي رد على تلك الاتهامات، وقال إن تلك التجاوزات وقعت قبل تسلمه الوزارة، وأنه خاطب سلفه الشيخ خالد الجراح الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية لاستيضاح الحقيقة بشكل كامل وتبرير عمليات التحويل الضخمة التي تمت في شبهة هذه التجاوزات.
وأضاف: "لم تردنا أية إجابات تزيل الشك وشبهة جرائم المال العام"، لذلك "وجهت اعتذارا إلى الرئيس عن حضور جلسات مجلس الوزراء لحين تقديم الردود المطلوبة حول ما قدمناه من استفسارات".
بعدها أحال النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، الشيخ ناصر صباح الأحمد، كل المخالفات بالتعاملات التي تتضمنها حسابات صندوق الجيش والحسابات ذات الصلة به إلى النائب العام.
أزمة الحكومة والإعفاء الإميري
بسبب أزمة الفساد، أصدر أمير الكويت قرارا سريعا بإعفاء نجله الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، والفريق خالد الجراح الصباح، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية من منصبيهما بحكومة تصريف الأعمال.
وقال الجراح بعد عزله وتوجيه الاتهامات له: "أنا على أتم الاستعداد للمثول أمام القضاء الكويتي العادل لأثبت براءتي أمام القيادة السياسية والشعب العظيم".
واتهم الجراح، وزير الدفاع بـ"تسريب المكاتبات بينهما، وتعمده إخفاء الحقيقة الكاملة عن الشعب، رغم ادعائه بعلمه بالشبهات منذ أكثر من سبعة أشهر وهو ما يثبت الأهداف والتطلعات السياسية التي يبتغيها"، حسب قوله.
بعدها أصدر أمرًا بتكليف الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة الكويتية الجديدة، وذلك بعد قبوله استقالة حكومة المبارك في 14 نوفمبر الجاري، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، لكن بعدها بدقائق، أفادت الوكالة الكويتية بأن المبارك اعتذر عن تعيينه رئيسا للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
واليوم الثلاثاء، كلف أمير الكويت، الشيخ صباح الخالد، بتشكيل الحكومة الكويتية الجديدة، وتكليفه بترشيح أعضاء الوزارة وعرض أسمائهم لإصدار مرسوم تعيينهم.
وبذلك تصبح تلك الحكومة الجديدة رقم 35 في تاريخ البلاد السياسي، ويعتبر الشيخ صباح الخالد ثامن شخصية تتولى هذا المنصب منذ عام 1962.
الأزمة ليست الأولى
وزير الإعلام الكويتي الأسبق، سعد بن طفلة العجمي، قال إن الأزمة داخل مجلس الأمة الكويتي ليست الأولى، وسبق وأسقطت عضوية بعض الأعضاء، مضيفا أن عملية إسقاط العضوية عن نائبين من مجلس الأمة الكويتي ينظر لها بأكثر من طريقة، خاصة أن البعض يرى أن ما حدث نتيجة لانتخابات الصوت الواحد، والمعركة الانتخابية الأولى، التي قاطعتها معظم التيارات السياسية في الكويت.
وتابع العجمي: "هناك من يرى أن ما يجري هو إثراء للعملية الديمقراطية، وفريق يرى أن الأمر ليس بالجديد، وأنه حدث في السابق ويحدث الآن ولا يمثل أزمة كبرى، ولكن الأمر يشير إلى تصعيد أو توتر خطير كما يتوقع البعض، وأن الأزمة تكررت في السابق حين أقسم تيار الإخوان في الكويت على مقاطعة الانتخابات وعدم العودة إليها مرة أخرى، ثم عادوا وشاركوا".
الأمير يقول كلمته
بعد إثارة الأزمة واشتعال الشارع الكويتي، خرج أمير الكويت، وقال إنه لن يفلت أي شخص تعدى على الأموال العامة في البلاد من العقاب مهما كان منصبه أو نفوذه، داعيا إلى عدم تناول هذه القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتركها للجهات القضائية المختصة.
وأكد أمير الكويت على إيمانه بحرية الرأي، لكنه أشار إلى أن ذلك لا يعني التسامح مع من يهدد أمن البلاد واستقرارها ويسعى لخلق ما وصفه بـ"الدخول في متاهة الفوضى والعبث المدمر"، مذكرا بـ"التجربة المؤلمة" التي عاشها الكويتيون سابقا.
ودعا الكويتيين إلى عدم "افتعال التجمعات" التي ربما تستغل لأهداف غير أهدافها وتساهم في مساعدة من يريد بالكويت سوءا وتقود إلى الفوضى، قائلا: "علينا أن نأخذ العبرة من تجارب الغير".
وبعد تولي الشيخ صباح خالد مسئولية الحكومة الجديدة، خطابه الأمير قائلا: "حمّلناك مسؤولية كبيرة الله يساعدك عليها.. أنت ثوبك نظيف فحارب الفساد وحارب المفسدين ولا تخلي أحد يقول شئ غير صالح".