دراسة تبحث جاهزية الأطفال العرب للاندماج في الثقافة الرقمية

"التحول الرقمي" الذي يمثل الرافد الأهم في الثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاته المتعددة والمذهلة، وما يصاحبه من انتشار سريع لتقنية المعلومات والاتصالات بات واقعا لا مهرب منه، واقع جديد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا أنه وجب الاستعداد للاستفادة منه بدلا من أن يؤثر علينا سلبا.
 

واقع التحول الرقمي سبق الإنسان رغم أنه يحاول اللحاق به، ويؤثر على الأطفال في مراحل أعمارهم المختلفة، ولهذا فقد حان الوقت لمشاركة الدول العربية بجدية في الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما يعني التكاتف من أجل توحيد وتنسيق الجهود للاستعداد لهذا التحول الذي سيغير شكل المستقبل، وذلك وفق ما أكدته توصيات اجتماع مجلس وزراء التعليم العالي والبحث العلمي الصادرة في ختام دورة انعقاده الـ١٧ التي خصصت لمناقشة موضوع "الذكاء الإصطناعي والتعليم.. التحديات والرهانات".
 

الواقع الذي يفرض التوجه نحو مستقبل، يسعى المجلس العربي للطفولة والتنمية لإعداد وتجهيز الأطفال العرب لاستقباله والعيش فيه بأمان، وفي سبيل ذلك عقد سلسلة من اللقاءات الفكرية، التي أكدت في مجملها ضرورة تمكين الطفل العربي للدخول لعصر الثورة الصناعية الرابعة، وفق رؤية مفاداها أن الثورة التكنولوجية الهائلة يجب استثمارها لخدمة رفاهية الإنسان، ومن أجل تطوير المستقبل بكافة نواحيه، فضلا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لأنها مجال رحب لتوفير فرص عظيمة لتنمية القطاعات الثقافية والتربوية والاقتصادية والمالية، وفي سبيل ضرورة إكساب الأطفال القيم والمهارات والمعارف وفق نطق جديد للتنشئة، أعده المجلس بعنوان نموذج تربية الأمل للتنشئة.
 

ويعتزم المجلس إجراء دراسة استشرافية تقييمية في ٦ دول عربية، هي مصر والسعودية ولبنان وسلطنة عمان والكويت والبحرين، حول "مدى جاهزية الأطفال لامتلاك القيم والمعارف التي تؤهلهم للاندماج في الثقافة الرقمية"، ووضع برنامج إقليمي لتهيئة الطفل العربي ليكون قادرا على التعامل مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة مع ارتباطه بجذوره الثقافية العربية.
 

عصف فكري.. نقاش مفتوح حول هذه الدراسة التي أعدتها الدكتورة نجوى غريس (تونس) أستاذ علوم التربية بالمعهد العالي للتربية والتكوين المستمر، أداره الدكتور حسن البيلاوي الأمين العام للمجلس، في مائدة مستديرة أقيمت في إطار ورشة العمل الإقليمية التي حملت عنوان التحول الرقمي وثقافة الطفل العربي، والتي اختتمت أعمالها الليلة الماضية بالقاهرة، وشارك في مناقشة الدراسة عدد من المفكرين والخبراء والإعلاميين، للوقوف على منهجية عمل ومحاور الدراسة الجاري إعدادها من قبل المجلس، وبرنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"، للوقوف على مدى جاهزية الأطفال للولوج إلى عصر الثورة الرابعة.
 

وفي ورقتها البحثية حول الدراسة، قالت الدكتورة نجوى غريس إن الدراسة تستهدف وضع رؤية تربوية متطورة تقوم على بنيه مفاهيمية وقيمية متكاملة ومترابطة، تمكن الطفل من التسلح بالمهارات الضرورية ليتفاعل بكفاءة مع عالم جديد لم يبح بعد بكل معالمه، طارحة للنقاش جملة من المسائل المتعلقة بإنجاز الدراسة وإجراء المسح الميداني الخاص بها.

وأشارت إلى أن الدراسة ستجرى بالتوازي في الدول الست على الأطفال في الفئة العمرية من (صفر إلى ١٨ عاما) لتغطي معظم مراحل الطفولة ومرحلة المراهقة وبدايات الشباب.
 

ومن جانبه، قال الدكتور حسن البيلاوي إن تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة هو التوجه الاستراتيجى للمجلس الذي سيستمر حتى عام ٢٠٢٣، وإن المجلس سيقوم على تنفيذ مشروع ممتد يحمل نفس العنوان، تمثل أبرز عناصره إعداد دراسة إقليمية تقييمية حول مدى جاهزية الأطفال العرب لامتلاك المهارات والقيم والمعارف التي تؤهلهم للاندماج في الثقافة الرقمية، والتي استضافت هذه الورشة أولى جلساتها العلمية من خلال مائدة خبراء ناقشت وطرحت الأسس المنهجية لإعدادها.
 

وأعلن عن فتح الباب أمام الراغبين في التقدم للحصول على جائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية في قضايا الطفولة والتنمية في الدول العربية، والتي يتبناه المجلس، واختار الأمير عبد العزيز بن طلال رئيس المجلس موضوع "تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة" موضوعا لدورتها الثانية الحالية.
 

وأوضح البيلاوي، أن الجائزة متاحة لجميع الباحثين العرب، وتخصص للبحوث التطبيقية في مجالات أربعة، هي دمج تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة بالمجتمع، والاستخدام الأمثل لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ووسائط التواصل الاجتماعي الحديث، والبيانات التمكينية للطفل (الأسرة، المدرسة، الإعلام والمجتمع المدني).