شاعر المرأة والحب.. انتحرت شقيقته وقُتلت زوجته.. أحب بلقيس فخطبها له الرئيس العراقي.. وحرب النكسة مفترقًا في تجربته الشعرية
أميرة إبراهيمدبلوماسي وشاعر سوري.. ورث حبه للشعر من أبيه وحبه للفن من جده.. ترعرع في بيت دمشقي تقليدي، جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي.. إنه الشاعر نزار القباني.
ويستعرض «السُلطة» في ذكرى وفاته 30 أبريل من كل عام بداية وتفاصيل حياة الشاعر نزار القباني:
نزار بن توفيق القباني.. ولد في 21 مارس 1923، في دمشق القديمة، درس الحقوق في الجامعة السورية، وفور تخرجه منها عام 1945 انشغل في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة، حتى قدّم استقالته عام 1966 .
موضوعات ذات صلة
ورث القباني من أبيه، ميله نحو الشعر، كما ورث عن جدّه حبه للفن بمختلف أشكاله، فجده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي.
خلال طفولته انتحرت شقيقته وصال، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبّه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسه، وربَّما ساعد في صياغة فلسفته العشقية لاحقًا ومفهومه عن صراع المرأة لتحقيق ذاتها وأنوثتها.
لم يكشف نزار عن حقيقة هذه الحادثة باكرًا بل قال: إنها توفيت بمرض القلب، إلا أن الشاعرة كوليت خوري كشفت قصة الانتحار .
أولى دواوينه كانت «قالت لي السمراء» أصدرها عام 1944، وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت 35 ديوانًا، وأسس دارًا لنشر أعماله في بيروت باسم «منشورات نزار قباني» .
أحدثت حرب «النكسة» 1967 مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه «شاعر الحب والمرأة» لتدخله معترك السياسة، وأثارت قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام .
زواجهتزوج نزار مرتين، زوجته الأولى كانت ابنة خاله زهراء آقبيق، وأنجب منها هدباء وتوفيق.
توفي ابنه «توفيق» عام 1973، وكان طالبًا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، تركت وفاة ابنه الأثر الكبير في حياته، وقد نعاه بقصيدة «الأمير الخرافي توفيق قباني»، توفيّت زوجته الأولى في 2007.
زواجه الثاني.. كان من امرأة عراقيّة الأصل تُدعى بلقيس الراوي التقى بها في أمسية شعريّة في بغداد في ستينات القرن الماضي، أعجب بها وتقدم لخطبتها ولكن لم يوافق والدها، وغادر نزار العراق خائبًا وضلت بلقيس تراود أفكاره حتى عاد مرة أخرى إلى العراق في مهرجان المربد الشعري وكتب قصيدة مطلعها:
بلقيس الراوي
مرحبًا ياعراق، جئت أغنيك
وبعض من الغناء بكاء
أكل الحزن من حشاشة قلبي
والبقايا تقاسمتها النساء
تعاطف العراقيون مع «القباني» ومنهم الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن البكر، فتوسط لنزار، حيث أرسل لخطبة بلقيس كل من وزير الشباب شفيق الكمالي، ووكيل وزارة الخارجية شاذل طاقة وكلاهما شاعران, فوافق والدها بعد ذلك, فتزوجوا في عام 1969 ليعيشوا بعد ذلك أجمل أيام حياتهم .
ولكنها لقيت حتفها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقيّة في بيروت حيث كانت تعمل عام 1982.
رثاها نزار بقصيدته الشهيرة «بلقيس» التي قال فيها إن الجميع كان لهم دورٌ بقتلها، وقد أنجب منها ابنيه عمر وزينب ولم يتزوّج بعدها.
بعد مقتل زوجته، غادر نزار لبنان وكان يتنقل بين باريس وجنيف، حتى استقر في النهاية في لندن، حيث قضى الخمسة عشرة عامًا الأخيرة من حياته، واستمرّ بنشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل خلال فترة التسعينيات ومنها «متى يعلنون وفاة العرب؟» و«المهرولون».
أهم أعمالهمن أهم أعمال نزار القباني «مواطنون دونما وطن، اليوميات السرية لبهية المصرية، قصائد متوحشة، ثلاثية أطفال الحجارة، هل تسمعين صهيل أحزاني، قصائد مغضوب عليها» .
وغنى من كلماته كبار مطربي الوطن العربي بقصائده مثل أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، نجاة، فيروز، ماجدة الرومي، كاظم الساهر.
ومن قصائده الغنائية «قارئة الفنجان، رسالة من تحت الماء، أصبح الآن عندي بندقية، صباحك سكر، أيظن، لا تسألوني ما اسمه حبيبي، قولي أحبك».
وفاتهفي عام 1997 كان قباني يعاني من تردي في وضعه الصحي وبعد عدة أشهر توفي في 30 أبريل 1998 عن عمر ناهز 75 عامًا في لندن، بسبب أزمة قلبية .