قلب القاهرة الجديد بلا خدمات
الكاتب الصحفي حسن شرفطرقٌ جديدة، أنفاقٌ وكباري، مشروعاتٌ قومية، ومدن ذكية.. هذه هي مصر الجديدة..
الدولة المصرية تسابق الزمن، لتصنع مستقبلًا جديدًا لأبناء هذا الوطن، لم نعهد مثل هذه الإنجازات سابقًا، ولم نستوعب حتى القدرة المصرية على تحقيقها، حتى أننا في عهدٍ قريب، كان إنجاز كوبري واحد يتطلب أعمارًا وأجيالًا.
ولكن إحساسنا بالفخر دائمًا، يصطدم بالواقع أحيانًا، عندما نرى تباطؤ في تنفيذ بعض المشاريع، أو تخازل بعض موظفي الدولة في أداء وظائفهم، أو مشروع لم يكتمل بناؤه.
شهور معدودة وتنتقل الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، إلا أنها تعمل في نفس الوقت على تطوير العاصمة التاريخية (القاهرة)، لتأخذ مكانها ومكانتها، وسط العواصم التاريخية لدول العالم، وهو أمر تطلب جهدًا وعملا دؤوبًا، شاهدنا ثماره في الصور المنتشرة لميدان التحرير، والذي يُفتتح رسميًا في القريب العاجل.
"ميدان التحرير الجديد" كما أطلق عليه وزير النقل الفريق كامل الوزير، وهو يصف محور "عدلي منصور"، مؤكدًا على أن هذه المنطقة محورية، خاصة وأنها ستربط أطراف القاهرة ببعضها عن طريق وسائل النقل المختلفة، حيث إنها ستربط الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة بالقطار المكهرب الذي يصل إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
على بعد خطوات من هذه المنطقة المهمة في "مصر الحديثة"، وتحديدًا المنطقة من الكيلو 22.285 إلى الكيلو 25 طريق مصر إسماعيلية الصحراوي، يوجد 4 مدن (أمنحتب – النخيل – الفردوس – مون سيتي)، المدن الثلاث الأولى يوجد بها ما يقرب من 10000 شقة سكنية، بنسبة إشغال حالية تقترب من 40%، ومن المتوقع أن تصل نسبة الإشغال 100% مع دخول محطة عدلي منصور في الخط الثالث لمترو الأنفاق إلى الخدمة، وهو الأمر الذي يتطلب معه وجود خدمات كاملة في منطقة مهمة وحيوية للطريق الجديد الرابط بين العاصمة الجديدة والقاهرة التاريخية.
العقود التي حصلت بموجبها الجمعيات التعاونية على الأرض تُلزمها بتنفيذ جميع أعمال المرافق طبقًا لمواصفات محافظة القاهرة، والإلتزام بعدم إجراء تعاملات على الأرض إلا بعد إدخال جميع أعمال المرافق، مع سداد وتحمل تكاليف المرافق من المصدر، إلا أن الأعضاء المخصص لهم الأرض بعد تقسيمها قاموا ببنائها بعد استخراج التراخيص اللازمة قانونًا من جميع الجهات المعنية.
الجمعيات، وتحديدًا جمعية 6 أكتوبر لم تعمل على إدخال المرافق العامة للمدينة، بما يتنافى مع القانون واللوائح المنظمة وتوجهات الدولة بشأن هذا التقسيم.
هل تتخيل عزيزي القارئ أن مدينة في وسط البلد، لا يوجد بها مرفق الكهرباء بشكل رسمي وكامل، كما أنه لم يتم استكمال الصرف الصحي، وهو ما يؤدي إلى انفجار المواسير في المدينة.
هل تتخيل مثلا أن ميدان "محمد نجيب" القريب من ميدان التحرير، لا يوجد به أعمدة إنارة، وطُرقه غير ممهدة، طبعًا لا تتخيل، وأرى على وجهك علامات الاستغراب، كما أنه لا يأتي في خيالك أن شوارع مثل طلعت حرب، وشريف، و26 يوليو، والقصر العيني، أن تكون بلا غاز طبيعي، أو هواتف أرضية، أو شبكات لتقوية الهواتف المحمولة.
كل المرافق التي لم تدخل، أو التي لم تكتمل، تؤثر بالطبع على مستوى معيشة قاطني هذه المدن، إلا أنه يوجد ما هو يؤثر على أرواحهم ويهدد حياتهم، حيث إنه لا يوجد كوبري مشاه يسمح لهم بالانتقال إلى بيوتهم، وبالفعل شهدت المنطقة حوادث مرورية، أدت إلى مقتل أكثر من 20 شحصًا من قاطني هذه المنطقة.
المشاكل السابقة ليست في منطقة عشوائية، بل إنها في منطقة حضارية، دفع قاطنيها الغالي والنفيس ليجدوا مكانًا مناسبًا ينشأ فيه أبنائهم، بل إن المدن التي شيدتها الدولة لأشقائنا من قاطني المدن الخطرة والعشوائية، أفضل بمراحل من هذه المدن التي لم يحصل المشترين فيها على أي دعم من الدولة، هذه المنطقة هي قلب القاهرة الجديد، ولا يمكن أن تترك الدولة المصرية مستقبلها في يد جمعيات تعاونية لا تهتم بمصلحة الدولة.