«ذَكَر شرقي منقرض».. التحليل النفسي لقاتل «نيرة أشرف»
كتب محمود الجمل موقع السلطة«اكسر للبنت ضلع» و«ادبح لها القطة» أمثلة شعبية تعبّر عن سيطرة عنف الرجل على العقل الجمعي
تأخر النضج يعنى أن تتقدم فى العمر ويتضخم جسدك لكن تبقى بعقلية طفل عمره 3 سنوات
الأمهات يشاركن فى الجريمة بتربية «راجل بيت» مدلل يخدمه الجميع ولا يعصون أوامره
موضوعات ذات صلة
- باحث فى شؤون الجماعات الإرهابية : مصر نجحت فى تفكيك التطرف بسلاح الوعى
- خالد عكاشة : لولا 30 يونيو لعاشت مصر فى ظلام حالك (فيديو)
- لمحبي اللون البني.. كيفية تنسيق إطلالات مميزة (صور)
- 4 وصفات طبيعية لتقوية الأظافر بخطوات سهلة
- عاجل.. الأردن يقرر رفع أسعار البنزين والسولار
- مفاجأة.. العلاقة بين النوم وفقدان الوزن
- عاجل.. رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد يتولى مهام منصبه رسمياً منتصف الليلة
- الليلة.. أمال ماهر تفجر مفاجآت جديدة على الهواء حول مزاعم اختفائها
- أبرز صيحات الأحذية لصيف 2022 (صور)
- 7 نصائح ذهبية لزيادة التركيز والانتباه
- مفاجآت جديدة في قضية شيماء جمال.. ابنة صاحب المزرعة تروي حقائق لأول مرة
- أخطاء شائعة تسبب الإصابة بفقدان الذاكرة
كيف يمكن أن يثير الرفض الذات المتضخمة لدى الذكر الشرقى فتحيله وحشًا ضاريًا أو ذئبًا مفترسًا؟ ماذا تفعل به كلمة «لا»؟
إن كثيرًا من الجرائم العنيفة الموجهة ضد النساء فى المجتمع المصرى مؤخرًا ما هى إلا جريمة «ذكر شرقى منقرض» بالمعنى الذى تناوله د. محمد طه فى كتابٍ حمل هذا العنوان.
هذا الكتاب التوعوى بلغته السهلة، وأسلوبه البسيط، أشبه بخواطر تحليلية تنتمى لعلم النفس الجَمعى، تحاول أن تشتبك مع الواقع الثقافى والاجتماعى المصرى المعاصر، والذى تتبدى تجلياته من ناحية فى الموروث من الثقافة الشعبية، ممثلًا فى الأمثال الشعبية التى وصفها باللاوعى الجَمعى، التى تغذى بدورها أنماطًا مقولبة من الأدوار الاجتماعية لكل من الجنسين، قائمة بالأساس على لغة العنف من قبيل «اكسر للبنت ضلع..» و«ادبح لها القطة».. ومن ناحية أخرى يحلل د. طه بعمق التجليات الثقافية الحديثة من بوستات السوشيال ميديا والإنتاجات الثقافية من أعمال درامية وغنائية، فضلًا عن الخبرات الشخصية من خلال رواد عيادته النفسية، والتى استشعر من كل ذلك أن تلك المصائب الخطيرة تنطوى على أبعاد ثقافية متجذرة ومتأصلة فى الطريقة التى يتربى عليها الذكور الشرقيون فى البيوت المصرية، وأن للأم دورًا مركزيًا فى صناعة هذا «الذكر الشرقى».
يوضح د. طه أن الذكورة بالولادة بينما الرجولة قرار، وحسب طرحه، فقد تجمّعت عدة عوامل اختطفت من الذكر الشرقى رجولته ولم يتبقَّ له منها سوى سماته الشكلية البيولوجية.
فالذكورة الشرقية مرضٌ عضال، ومن أهم الأعراض النفسية الدّالة بوضوح على الذكر الشرقى أنه: نرجسى، أنانى، مغرور، سادى، سيكوباتى، متحجر المشاعر، التسلط والفوقية، الوصاية، الكِبر، الغطرسة، العنجهية، الظلم، العدوان، النكوص والاتكالية والتنطع، تحقير المرأة والحطّ من شأنها وإلقاء اللوم عليها فى كل موقف. فهى متلازمة مرضية كاملة لا تصيب الذكر الفرد فحسب بل يمتد تأثيرها ومخاطرها لتطال دوائر أكبر وأوسع، قد تصل لتهديد سائر المجتمع.
ويتساءل د. طه: ما طريقة التربية التى أنتجت- بحسب تعبيره- هذه المسوخ والزومبيز العنيفة المؤذية والممتلئة بذواتها المتضخمة؟
إن أحد جذور المشكلة النفسية تعود إلى عدم النضج النفسى فى سنوات الطفولة، فقد توقّف أو ثُبِّت الذكر عند مرحلة نفسية معينة، فيكبر ويصبح ضخمًا فى عمر الثلاثين مثلًا لكنه توقف نفسيًا عند العمر ما بين الثلاث والخمس سنوات.
تلك المرحلة التى أسماها المتخصصون «المرحلة الأوديبية»، والتى يشعر فيها الذكر بأن الأنثى، ممثَّلة فى أمه، هى ملكيته الخاصة، وينازعه فيها الأب كغريم نفسى وشعورى مهددًا لوجوده ولمصدر الأمن والإمداد العاطفى فى حياته، فيشعر بالغيرة المفرطة منه ويحاول الالتصاق بأمه، والتعامل معها على أنه «راجلها».
هنا يكمن الخطر أن يتزوج الذكر «مجازًا» من أمه «نفسيًا»، وألّا يتجاوز تلك المرحلة فى طفولته بشكل صحى. وما يزيد المشكلة صعوبة أن تتعلق الأم هى الأخرى بابنها نفسيًا وتعزز لديه تلك المشاعر الأوديبية، فتلتصق به وتشوّه «كحماة» علاقته بشريكته بغيرتها الأنثوية عليه كغريمة لها.
ففى حال قسوة الزوج/ الأب معها، أو غيابه عن المنزل أو تغييبه من قِبلها، أو وفاته، تعتمد الأم على الابن الذكر، وتضخم من ذاته، وتعامله على أنه راجل البيت، وإنه لازم يحكم ويشكم إخواته البنات حتى لو أكبر منه. هنا تكمن الكارثة الحقيقية فى الإخصاء النفسى لرجولة الذكر التى لا تنمو معه بشكل طبيعى، ويمتلأ بسلوكيات مشوَّهة عِوضًا عنها، فيكبر كذكر لا يعرف كيف يتعامل مع شريكه العاطفى على الإطلاق.
وهنا يسقط المجتمع حرفيًا فى دائرة جهنمية من إعادة تدوير للقهر، فالذكر يكبر ليمارس على الآخرين فى دائرته ما كان مُمارسًا عليه من إخصاء نفسى، بسبب إهمال الزوج/الأب للزوجة/الأم وتعرضها هى الأخرى لعنف نفسى بالغ من محيطها الذكورى، فتربى بدورها ذكرًا مشوّهًا نفسيًا على كل القيم الذكورية التى تعرضت لها، وهكذا إلى ما لا نهاية.
أحد أهم العوامل النفسية والتربوية الأخرى فى تاريخ كائن «الذكر الشرقى» هو تثبيته نفسيًا عند «المرحلة الفُمية»، أى أنه لم يُفطَم نفسيًا، فيحدث لديه النكوص والارتداد لمرحلة التدليل الطفولى المفرط. فعندما يكبر يبحث فى كل أنثى عن صورة على شاكلة أمه التى تربى على أن تخدمه وأن تسخِّر أخواته البنات فى خدمة هذا الذكر «الملك» مركز الكون، يعيش فى «المملكة التيستوستيرونية» مُنعَّمًا، كل طلباته مُجابة، ولم يتعود أن يُرفض له طلب.
هذا النمط الذى نشأ عليه صغيرًا، يجعل منه «ديناصورًا»، وهنا يشير د. طه إلى أن من ضمن الاحتياجات النفسية الأساسية التى نولد بها «إن حد يقولى (لأ) عند اللزوم»، عدم التربية على قول «لأ» لمتطلباتى بين حين وآخر، يخلق بتعبيره «وحشًا نفسيًا»، ينتج عنها هذا الشعور الطاغى بالاستحقاق، والأنانية، والرغبة فى الاستئثار والتملك، والأخطر عدم تقبل الرفض.
هنا يأتى دور واحد من أهم جذور المشكلة وهو «اضطراب الشخصية النرجسية»، وبتحليل د. طه يرى أن كل الذكور الشرقيين مصابون به. عندما يُرفض هذا الذكر أو يشعر بالإهانة والتقليل من شأنه- كما يتصور هو- فى أى موقف يُصاب بما يسمى «الجرح النرجسى»، هو أشبه بشكة دبوس فى بالونة مملوءة بالهواء الفارغ، ينتج عن ذلك «الغضب النرجسى»، بكل أشكال العنف المتدرج من سب وتنمر وملاحقة وتهديد، تصل إلى القتل.
وفى تحليل د. طه عندما تمتزج النرجسية بالشخص السيكوباتى الذى يكره جزءًا من نفسه فيسعى إلى تحطيم كل من حولها بمن فيهم الأحباء، فتكون الخطورة على النساء فى تلك المجتمعات المصابة هى نفسها بداء الذكورية الشرقية السيكوباتية التى تقهر المرأة وتجلدها كضحية فى آن.