نص كلمة الرئيس السيسي خلال المشاركة في قمة مجموعة العشرين
كتب احمد عبد اللهينشر موقع «السُلطة» الإخباري مجموعة من أخبار مصر... وإليكم التفاصيل
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمة خلال المشاركة في قمة مجموعة العشرين بمدينة أوساكا اليابانية، جاء نصها كالتالي:
رئيس وزراء اليابان.. رؤساء الدول والحكومات..
يطيب لي أن أنضم لهذه القمة بدعوة كريمة من شينزو آبي رئيس وزراء اليابان، ترسيخاً للتقليد القائم بمشاركة رئيس الاتحاد الإفريقي في قمة مجموعة العشرين، وهي المهمة التي تسعى مصر في إطارها إلى تعزيز التعاون والاندماج بين دول القارة الإفريقية في المقام الأول، مع العمل في نفس الوقت على تطوير العلاقات مع الشركاء الدوليين، وبما يحقق أولويات وتطلعات شعوب دول إفريقيا في شتى المجالات.
اسمحوا لي أن أشيد بدايةً بجهود الرئاسة اليابانية لمجموعة العشرين، والتي اختارت موضوعات جديدة لتحظى بالأولوية، لاسيما فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي والاستفادة من فرص التجارة والتكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البازغة، فضلاً عن البنية التحتية وتغير المناخ، إضافةً للقضايا الاجتماعية من تمكين للمرأة والصحة العامة والعدالة الاجتماعية.
نعلم جميعاً أن مجتمعنا الدولي يواجه تحديات متعددة الأبعاد، تتعاظم جسامتها بشكل خاص في الإطار الإفريقي، ومنها تحقيق السلم والأمن، والقضاء على الفقر، ومكافحة الأمراض، ومواجهة تغير المناخ، والتصدي للهجرة غير الشرعية وغيرها، وتجسد مشاركتي في هذه القمة أهمية الاستماع إلى صوت قارتنا، وتوفر فرصة لاستعراض رؤيتنا تجاه مجموعة العشرين وتفاعلنا معها، على النحو التالي:
أولاً: نؤكد المسئولية الجماعية في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف، خاصةً في الدول التي كانت تعاني من نزاعات مطولة، كما نؤكد العلاقة المتلازمة بين الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة، مع الحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها.
ثانياً: مازالت أطر حوكمة النظام الاقتصادي والمالي العالمي، تحتاج إلى إصلاح يعكس مشاركة العالم النامي في عملية اتخاذ القرار بشكل عادل وشفاف، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالدول الإفريقية، مع تأكيد أهمية الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف المحكوم بالقواعد.
ثالثاً: نرحب بالتعاون في إطار شراكات جادة مع مجموعة العشرين لتحقيق التنمية، وفق الخطط والبرامج الوطنية لدولنا، وأجندة 2063 التي تحمل رؤية القارة لتحقيق تنميتها المستدامة، وتتكامل مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 التي توافقنا عليها جميعاً.
رابعاً: تتأسس العلاقة بيننا على المصلحة المشتركة، فالترابط والتشابك الذي يميز عالمنا اليوم جعل من التعاون ضرورة ملحة تحقق المنافع لأطرافه، مع الابتعاد عن أية قيود سياسية تفرض أعباء إضافية، أو محاولات فرض نماذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
خامساً: رغم التحديات العديدة، فالقارة الإفريقية لديها الكثير مما يمكن أن تقدمه، فهناك إمكانات وسوق واعدة وغيرها من العناصر الجاذبة للعالم الخارجي.
إذا كانت التحديات التي أشرت إليها قائمة بالفعل على أرض الواقع، فإن التعايش معها أو التسليم بها، ليس بالأمر الحتمي، فبإمكاننا، كمجتمع دولي، تجاوزها، ولا شك أن مجموعة العشرين عليها دور كبير في ريادة الجهد الدولي في هذا السياق، عبر تذليل العقبات أمام النفاذ للتمويل، وعن طريق تيسير الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البازغة وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية، وتضييق الفجوة الرقمية، فضلاً عن توفير الخدمات الأساسية ومنها التعليم والنفاذ للدواء والتكنولوجيا العلاجية بتكلفة أقل.
وفي الوقت الذي أحدثكم فيه عن التزاماتكم تجاه القارة، فبالمثل، أود التطرق لبعض ما تقوم به دول إفريقيا بإرادتها الوطنية، وبما يجعلها أكثر قدرة على استيعاب أطر الشراكة الدولية.
فلعلكم تتفقون على أن دخول الاتفاقية الإفريقية القارية للتجارة الحرة حيز النفاذ في 30 مايو 2019 ينمي من فرص التجارة البينية، ويوسع السوق المتاحة أمام الاستثمار في قارتنا، ويعزز قدراتنا التصنيعية، ويوفر فرص عمل خاصة للشباب، ويزيد من مساهمتنا في سلاسل القيمة العالمية.
ومن نفس المنطلق، فإن خطط تحقيق التكامل الإقليمي عبر تطوير البنية التحتية الإفريقية، وتنفيذ المشروعات العابرة للحدود، ومشروعات الطاقة، لاسيما الطاقة المتجددة، إنما تأتي على رأس أولوياتنا، وتتسق مع خيارنا الإستراتيجي في السير نحو الاندماج القاري.
وعلى مسار مواز ومكمل، نمضي في طريق تطبيق آليات سليمة للحوكمة الاقتصادية، من خلال تبني أساليب إدارة رشيدة تهدف إلى تعظيم الكفاءة والفعالية، وتوفر البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات، وتعد مكافحة الفساد جزءاً لا يتجزأ منها، كما يضطلع القطاع الخاص بالدور الرئيسي في تحريك عجلة النمو الاقتصادي المنشود، وتشكل جهود تمكين المرأة والشباب عنصراً أساسياً من إستراتيجياتنا التنموية.
في الختام، أؤكد مجدداً أن إرادتنا السياسية الإفريقية تتجه بخطوات ثابتة وجادة على الصعيد الوطني والقاري بشكل متكامل لتحقيق التنمية المستدامة بكافة أبعادها، جنباً إلى جنب مع ترحيبنا بالتعاون مع شركاء القارة، اتساقاً مع خططنا، وبما يحقق مستقبلا أفضل لنا جميعاً.. فنظرة بسيطة وواقعية إلى تعداد قارتنا اليوم الذي يبلغ أكثر من 17% من سكان العالم، مع التوقع بأن يصل لأكثر من ربع سكان العالم بحلول عام 2050، تؤكد أن شراكتنا ليست خياراً، بل مقاربة ضرورية لا بديل عنها.