”صراعات اقتصادية وتراجع عملات”.. أزمة مالية عالمية تلوح في الأفق
رامي خلفلا أحد منا يستطيع نسيان الأزمة المالية الكبرى التي حدثت عام 2008، وأدت إلى انهيار اقتصاد دول بأكملها وإفلاس أكبر البنوك حول العالم، ويبدو أن شبح الأزمة المالية التي حدثت يلوح في الآفق، فيوما بعد يوم يتزايد الحديث عن شبح أزمة مالية عالمية يطل برأسه من جديد.
بوادر الأزمة الاقتصادية المرتقبة، واضحة ومؤشراتها لاحت في الأفق، في وقت يشهد العالم أزمات تعمق المعاناة الاقتصادية وترفع احتمالات وتيرة الانكماش الاقتصادي، ومن هذه الأزمات تراجع أسعار عملات رئيسية مثل اليورو والجنيه الإسترليني، وأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى انهيار اقتصادات عدة دول مثل اليونان، وتراجع المؤشرات الاقتصادية لدول أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا والبرازيل، إلى جانب أزمات العملات الرقمية وعلى رأسها "بيتكوين".
وبالطبع لا يجب أن نغفل تفاقم الأزمة التجارية بين أقطاب الاقتصاد العالمي، حيث تزايدت التكهنات بشأن تعرض الأسواق العالمية لهزات عنيفة تهدد الاستقرار المالي، وتنذر بالدخول في موجات ركود تؤثر روافد الحياة الاقتصادية، مع تزايد الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وقال خبراء اقتصاديون، إن القلق يجتاح الأسواق العالمية إزاء الحرب التجارية التي تشتد حينا، وتهدأ تارة بين أمريكا والصين، ما دفع قطاعاً عريضاً من المستثمرين للبحث عن الأصول الآمنة، وشككوا في قدرة الاقتصاد العالمي على تحمل تبعات إجراءات حمائية لأكبر اقتصادين عالميين".
بينما رجح بعض الخبراء أنه من المبكر وضع سيناريوهات متشائمة في ظل مفاوضات من حين لآخر ينجم بعضها عن التوصل لاتفاق أو الاختلاف بشأن بعض النقاط، بينما تمارس الدول ضغوطا للوصول لأفضل وضع تفاوضي يساعدها في الخروج بوضع المنتصر من الحرب التجارية.
وفي تقرير سابق لصندوق النقد الدولي يرجح أن الأمد الطويل للحرب التجارية سيؤثر على الجميع، ومن المتوقع تأثر الأسواق العالمية بموجات ارتفاع معدلات التضخم، مما يؤثر على أسعار الفائدة، وانخفاض النمو للاقتصادات المرتبطة.
وفي سياق آخر، حذرت مؤسسات اقتصادية كبرى وخبراء اقتصاديون من ملامح الأزمة الاقتصادية المرتقبة، حيث قالت مؤسسة "جابرييل إنفستمنت"، إن هناك عاملا مشتركا بين الأزمات المالية الضخمة التي عاشها العالم سابقا وما يحدث اليوم، وهو الزيادة الكبيرة في حجم القروض، مقارنة مع إجمالي الناتج المحلي وتحديدا القروض الخاصة، فالأرقام تشير إلى أن مستويات الديون الخاصة عالميا، بلغت 186 تريليون دولار في الربع الأول من عام 2019، وفقا لمعهد التمويل الدولي، كما أن الدين العام العالمي، أصبح أكثر من 250 تريليون دولار منذ مطلع العام، الأمر الذى ينزر بكارثة مرتقبة.
وكالة "بلومبيرج" حذرت أيضا وكشفت في تقرير لها تدني أسعار الفائدة، وهو ما يعني بوادر أزمة مالية، حيث بلغ سعر الفائدة في الفيدرالي الأمريكي الآن نحو 2.5 %، وهذا يعني زيادة وتيرة الإقراض وتراكم الديون، ومن المؤشرات بنذر أزمة عالمية جديدة أيضا، الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديين على مستوى العالم، واشنطن وبكين، حيث أكدت تقارير عدة أن هذه الحرب تلقي بظلالها سلبا على النشاط التجاري العالمي.