إسماعيل يس.. الضاحك الذي استنسخه الإبياري وبكى في النهاية
عزة عبد الحميدعُرف الراحل إسماعيل يس بإلقاءه للمنولوج منذ بدايته، وحركاته على المسرح الكوميدية والتي جذبت إليه المنتجين والفنانين للانضمام إلى الفرق الخاصة بهم، ومع طرق "يس" لباب السينما، ارتبط اسمه باسم الكاتب والسيناريست أبو السعود الإبياري الذي كتب أغلب أعمال إسماعيل يس.
كان لدى الكوميديان بعض الصفات وتعبيرات الوجه التي تساعده لكي يرسم لننفسه شخصية فنية مستقلة، يجسدها بأفلامه ليحفظها الجمهور ويتميز هو بها، ولكن هناك بعض الصفات التمثيلية والتي تخص الأداء التي قام أبو السعود الأبياري بنحتها في شخصية «يس»، ولكنها لم تكن من ميلاد أفكاره ولكنها نحتًا من ممثل فرنسي شهير يدعى فيرنانديل.
بدأ فيرنانديل مشواره الفني عام 1931، من خلال فيلم "On purge bébé"، والذي كان يعتمد في أداءه على كبر حجم فمه، وضحكته الشهيرة وحركات وجهه وجسمه الكوميديين، بالإضافة إلى أنه كان يغني ما يشبه المونولوجات التي قدمها إسماعيل يس، وبعد 20 عامًا من تألق فيرنانديل، بدأ يظهر إسماعيل يس ويتألق ويجسد الأدوار التي يكتبها "الإبياري" بطريقة فيرنانديل.
لم يخلق الكاتب شخصية الكوميديان من بطل واحد بل جمع له بعض الحركات من أداء العالمي شارلي شابلن، ومنها حركة الجنون بهز الرأس، والخوف المبالغ فيه مع هز الساقين واليد من الممثل الامريكي لو كوستيلو، ويغرهم الذين استنسخهم «الإبياري» في بطله.
لم يتم استنساخ حركات وأداء الفنانين الأجانب فقط، ولكن أيضًا تم اقتباس أفكار أفلام كاملة ومشاهد بعينها من أفلام فيرنانديل، فنجد أن فيلم "e Ignac" ، والذي قام فيه بدور مجند في الجيش الفرنسي، ليقدم يس في خمسينات القرن الماضي ذات الفكرة من خلال "إسماعيل يس في الحربية" وسلسلته الشهيرة، ومن الاقتباسات الآخرى فيلم "حلاق السيدات" الذي تم تقديمه بالاشتراك مع عبد السام النابسلي، والذي قدمه فيرنانديل تحت اسم "Coiffeur pour dames"، وقدم الفرنسي عام ١٩٣٩" Raphaël le tatoué"، والذي قام فيه بأداء دور أخ طيب وتوأمه، وهذا ما قدمه إسماعيل يس في فيلم "اسماعيل يس في الطيران" في الخمسينات.
ومع استنساخ أبو السعود الإبياري وبطله لشخصية النجم الفرنسي، واستمرارهم في نحت الشخصية والأفلام الذي يقوم بتقديمه إلا أننا نجد سقوط الجانب المصري في حفرة الجمود الذي هرب منها الفرنسي من خلال تطوير أدائه وشخصيته، وخروجه من الأداء الثابت ومواكبة العصر حينها من وجهة نظره، ليظل هو متربعًا على عرش الكوميديا بما ألحقه بذاته من تطور حافظ به على شعبيته ونجوميته، ليظل "يس" كما هو غارقًا في ذات الانفعالات والسيناريوهات التي طفت نجمه ليظهر غيره من المجددين الذين استطاعوا أن يقدموا للجمهور كوميدية مختلفة، تجعلهم زاهدين عن ما يقدمه "يس".