عندما فازت أم كلثوم على عبد الوهاب بالضربة القاضية
نوستالجيا محمد شوقيلم تكن هناك منافسة بين أم كلثوم مع أحد إلا محمد عبد الوهاب فقد كان منافسها الأول والأخير بل يكاد يكون الأوحد طيلة حياة أم كلثوم الفنية خاصة في فترة البدايات حتي إلتقيا معا بأغنية أنت عمري عام 1964 بقرار غير مباشر من الزعيم جمال عبد الناصر.
بدأت المنافسة على أشدها منذ بداية ظهور محمد عبد الوهاب في السينما، فقد ظهر في السينما قبل أم كلثوم، وكان أول أفلامه فيلم "الوردة البيضاء" عام 1933، ونجح الفيلم ثم عاود محمد عبد الوهاب التجربة مرة أخرى مع المخرج محمد كريم في فيلمهما الثاني "دموع الحب" عام 1935، ونجح هو الآخر مما جعل أم كلثوم تفكر في خوض تجربة السينما رغم أنها كانت ترفض هذه التجربة نهائي بل وكانت في البداية متعللة أنها لا تستطيع تظهر في السينما ووالداها الشيخ إبراهيم البلتاجي على قيد الحياة ثم تعللت بعد ذلك أنه مجال جديد عليها وتخشي الفشل فيه ولكن سرعان ما تغيرت وجهة نظرها خاصة بعد نجاح عبد الوهاب في السينما.
والعجيب في الأمر أن فكرة ظهورها في السينما جاء مع فكرة ظهور عبد الوهاب فقد حاول طلعت باشا حرب الجمع بينهما في بادئ الأمر في أول أفلام عبد الوهاب "الوردة البيضاء" ولكنها رفضت لصغر حجم دور البطلة أمام البطل و لتمسكها بالمحلنين معها القصبجي و زكريا أحمد فضاعت فكرة الحمع بينهما.
ولكن تمسك طلعت باشا حرب بأم كلثوم كأول بطلة في أول أفلام استوديو مصر الذي قام بافتتاحه ضمن مشاريعه الاقتصادية القومية الكبرى، وذلك عام 1936 وبالفعل ظهرت أم كلثوم في أولى تجاربها الفنية، ونجح الفيلم و أصبح لها جمهور في السينما يفوق جمهور المسرح حيث تذكرة السينما أرخص بكثير من تذكرة المسرح مما جعلها تعيد التجربة أكثر من مرة وكل ما يقدم محمد عبد الوهاب فيلماً تلاحقه بفيلم لها يضاعف نجاح فيلمها السابق وفيلمه هو أيضًا.
وقدمت ستة أفلام بداية بفيلم "وداد" عام 1936.. ثم فيلم "نشيد الأمل" عام 1937.. ثم يأتي محمد عبد الوهاب ليقدم فيلم "يحيا الحب" عام 1938 وهو الظهور الأول للفنانة ليلى مراد، ثم تقوم أم كلثوم ببطولة فيلم "دنانير" عام 1940، ثم محمد عبد الوهاب في فيلم "يوم سعيد" عام 1941 وتظهر فيه لأول مرة الطفلة فاتن حمامة، وتوالي أم كلثوم بفيلم "عايدة" عام 1942، ويوالي عبد الوهاب بفيلم "ممنوع الحب" عام 1943 أول ظهور، ثم فيلم أم كلثوم "سلامه" عام 1945، ويلحق عبد الوهاب لفيلمه "رصاصة في القلب" عام 1946 وفيه أشهر دويتو سينمائي حكيم عيون مع راقية إبراهيم، ويقدم عبد الوهاب فيلمه الأخير عام 1947 فيلم "لست ملاكا".
وتقدم أم كلثوم فيلمها الأخير "فاطمة" عام 1948، ويكون هذا الفيلم هو تتويج المنافسة الفنية السينمائية بينهما حيث تعد جميع أفلامها بالقياس التجاري و الفني ناجحه إلي حد معقول ولا يوجد لهما فيلم كسر الدنيا بلغة أهل السينما.
إلا أن فيلم "فاطمة" لأم كلثوم يعد هذا الفيلم قد تجاوز حد النجاح الجماهيري و الفني أيضاً ليمكث في السينما عام كامل وينجح نجاحا جماهيريا كبيرا جعل الملك فاروق و الأسرة المالكة تدخل السينما تشاهده بعد ما سمعت عنه بل وجميع وزراء مصر وأصبح الفيلم من الأفلام النادرة في تاريخ السينما المصرية التي نجحت نجاحاً تاريخياً جماهيرياً وفنيا بل و بسبب نجاح هذا الفيلم أعيد النظر في الزواج العرفي و أصدرت فتاوي تحرم هذا الزواج لما فيه من ضياع حقوق الزوجة و الأولاد.
بل وبسبب هذا الفيلم قامت الصحافة المصرية وقتها بحمله صحفية كبيرة تهدف فيها أخطار الزواج العرفي.. وأصبح هذا الفيلم حديث الصباح والمساء طيلة عام و نصف العام وتم تكريم أم كلثوم و أحمد بدر خان مخرج الفيلم وتم منح مصطفى أمين لقب البكاوية بسبب تأليفه لهذا الفيلم.
وعندما شرع المخرج محمد كريم لتقديم فيلم جديد مع محمد عبد الوهاب، قال له عبد الوهاب وهو يفكر: "فيلم إيه بس دلوقتي أم كلثوم فازت بالضربة القاضية".