خطيب المسجد الحرام: اتقوا الله في الخلوات والجلوات والنظرات والخطرات
محمد هانيقال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام : اتقوا الله عباد الله، وازدلفوا إليه بالطاعات، في الخلوات والجلوات، في اللفظات واللحظات، والنظرات والخطرات: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.
أمام طوفان المتغيرات
وأوضح " السديس" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه تحقيقًا للمبادئ والثوابت أمام طوفان المتغيرات والنوابت، وفي ظل تنامي موجات التشكيك والأفكار الدخيلة، والمساومة على المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية، وأمام التحديات الفكرية والأمنية والتنموية، وجديد الصراعات والأزمات، تتطلع الشعوب والمجتمعات إلى ترسيخ أسس ومرتكزات تُحَقِّقُ من خلالها التقدم والازدهار، وتعانق بها الأمجاد، وتسابق الحضارات.
موضوعات ذات صلة
- الشيخ السديس: أمن بلاد الحرمين خط أحمر لا يمكن المساس به
- خطيب المسجد الحرام: صيام عاشوراء من أعظم أسباب راحة البال في الدنيا
- خطيب المسجد الحرام: الحياة الدنيا تقلب وتداول فمن سره زمن ساءه آخر
- خطيب المسجد الحرام: والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون
- الشيخ السديس يعين 11 مساعدا بينهم 3 سيدات بإدارة الحرمين الشريفين
- خطيب المسجد الحرام: الدنيا ممر يصحب المرء منها الصالحات
- بعد دخول صحفي إسرائيلي للمشاعر المقدسة بمكة.. السديس يتحدث عن الخط الأحمر
- رئيس شؤون الحرمين يودع الحجاج بتوزيع الهدايا عليهم | صور
- رئيس شؤون المسجد الحرام يوزع الهدايا على حجاج بيت الله
- رئيس شؤون الحرمين يعلن نجاح الخطة التشغيلية لموسم الحج
- شئون الحرمين: نجاح المرحلة الأولى من خطة الحج لهذا العام
- تنبيه هام من رئيس شؤون المسجد الحرام للحجاج
وتابع : ومدارها على الدين والقيم؛ فهما الفخر والشيم، يكمن ذلك في: إيمان خالص، وأمنٍ وارف، وقيم نبيلة، واعتدالٍ لاحب، وعلم واجب، وتربية سليمة، وتنمية مستدامة، ورقمنةٍ مستفادة، وأنسنةٍ مستفاضة، وجودة عالية للحياة شاملة، تلك عَشَرَة كاملة، تحقق الإسعاد للمجتمعات، والازدهار في الأمجاد والحضارات.
حضارتنا الإسلامية
وأشار إلى أن حضارتنا الإسلامية قامت على أُسُسٍ دينية وقيمية لا مثيل لها، ذلك أن رسالتنا الإسلامية عالمية حضارية، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وإن من أَجْلَى خصائصها الزكية، جمعها جوهر الشرائع السماوية، وخلاصة الرسالات الإلهية، التي تبني أمجاد المجتمعات الإنسانية، وشوامخ الحضارات العلية، ولُباب القيم السنية.
ونبه إلي أن الإسلام ينظر إلى الإنسان نظرة شاملة دقيقة متوازنة؛ يصلح معها حال الإنسان ويراعي حقوقه وكرامته دون تنازل أو مساومات، مهما تغيرت الأحوال أو الأماكن، أو تعاقبت العصور أو تبدلت الأزمان، منوهًا بأنه عندما ترْتقي الفهوم إلى مَدَارات الإسلام وتشريعاته الحُكْمِيّة، وأسْرَارِه الحِكَمِيّة، وإشراقاته الإنسانية فستجد أنه اعتمد على ركن الدين والقيم.
أساس الحياة
وأكد أن الإيمان، والعقيدة، والتوحيد أساس الحياة، الذي يرفع النفوس إلى قمم العز والشرف والصفاء، ويسمو بها عن بوار الوثنية والشرك والشقاء، أمام الموجات الإلحادية، والنَّيْلِ من الذات الإلهية، والتعلقات بالأوهام والخزعبلات، والتشاؤم من الشهور والمطالع: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾، واعلم بأن أول واجب على العبيد إفراد الله بالتوحيد، قال الإمام ابن القيم ~:"وما أنعم الله على عباده نعمة هي أعظم من نعمة التوحيد، فبه أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وقامت سوق الجنة والنار".
ولفت إلى أنه قد امتن الله تعالى على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فسبحان الله عباد الله، ها أنتم أولاء ترون الناس من حولكم وما يعيشونه من خوف واضطراب في مختلف البقاع والأصقاع، ونحن في بلاد الحرمين الشريفين ننعم بالأمن والأمان والإيمان، نعتز بديننا ونفخر بقيمنا، فلله الحمد والمنة.
الانتماء إلى الوطن
وأضاف أن هذا يُؤكد أن الانتماء إلى الوطن ليس مُجرَّدَ عاطِفَة غامرة أو مشاعر جيَّاشة فحسب، بل هو مع ذلك إحساسٌ بالمسؤولية وقيامٌ بالواجبات، فالمواطنة الحقة شَرَاكةٌ بين أبناءِ الوطن في الحياة والمصير والتحدِّيات، وفي المقدَّرات والمكتسباتِ والمُنْجَزَات، وفي الحُقُوقِ والوَاجِبَات، وذلك من خلال الرؤى المستقبلية، والخطط الإستراتيجية، والاستثمارات الحضارية، والمنشآت الرقمية التقنية، إلى غير ذلك من الفاعلية الإيجابية، والإسهامات الإنتاجية التي تحفز على التنمية القائمة على استثمار التقنية، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، لمواكبة عصر الثورة التقنية من خلال التنمية المستدامة، والمواكبة العلمية للتطور الحضاري العالمي.
ثمار حب الأوطان
وبين أن من أهم ثمار حب الأوطان؛ الوحدة واللُّحمة ولزوم الجماعة، وحسن السمع للإمام والطاعة، في وسطية واعتدال، فلا غلو ولا تطرف، ولا جفاء ولا انحلال، في وحدة متألقة تتسامى عن الفُرْقَةِ والانقسامات، ووبيل التهم والتصنيفات، ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾.وأفاد بأن ما يميز المجتمع الإسلامي عن غيره أنه آخذ بعضه بيد بعض، يوصي بعضهم بعضًا بالحق والصبر عليه، ويتعاونون على البِرِّ والتقوى، قال صلى الله عليه وسلم:"كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسئول عن رعيَّته" (متفق عليه)، فشريعتنا الغراء لا تعرف الانعزالية والانغلاقَ، والتقوقعَ والجمود، لكنها تعرف الانفتاح والتجدد والمرونة وَفْقَ المتغيرات والمستجدات، مع المحافظة على الثوابت والمُسَلَّمَات.
واجبنا الديني
وشدد على أن واجبنا الديني والقيمي والوطني لَيُحَتِّم على كل فردٍ مِنَّا، وخاصة القادة والعلماء وذوي الفكر والرأي والإعلام والرموز والقدوات والشباب والفتيات والمرأة أن ينهض كل بواجباته لنكون يدا واحدة في وجه المنتهكين لحرمات الدين والأوطان؛ من خلال التَّصَدِّي للشائعات المُغْرِضَة، والأخبار الكاذبة، والدَّعَواتِ المشبوهة، والجماعات المُنْحَرِفَة، والأحزاب الضالة، والتنظيماتِ المارقة، التي تسعى جاهدة إلى إثارة البلبلة والفتن، والقلاقل والإحن، والخيانات الدينية والوطنية.
وواصل : لننعم جميعا بالأمن والاستقرار، ونحافظ على الوحدة الدينية، واللُّحمة الوطنية، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ومكافحة الفساد بشتى صوره، والحفاظ على المال العام، وعدم الاعتداء عليه وعلى المرافق والممتلكات العامة، والإبلاغ عن جرائم الفساد ومرتكبيها، والجرائم العابرة للحدود والقارات، ومن يقف وراءها من أيدولوجيات ممنهجة لتطهير المجتمعات من آثارها الوخيمة، وكذا مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وتثمين دور رجال مكافحة المخدرات على تجنيب بلادنا وشبابنا ويلات هذه السموم والجرام المدمرة، وتجنيب البلاد والعباد ويلات الحروب والكوارث.